كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

وخالفوا هذا الخبر في الأمر بالوفاء باعتكاف منذور في الكفر؛ وقد جاءت به الآثار الصحاح (¬١).
واحتجوا على من قال بقول معاذ ومعاوية بأن يرث المسلم الكافر (¬٢)، ثم خالفوه فورثوا من المرتد ورثته من المسلمين خاصة.
واحتجوا في إبطال نص القرآن في إيجاب الوصية للأقربين، بالخبر
---------------
(¬١) من هذه الأخبار الصحاح: ما أخرجه البخاري في الاعتكاف، باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم برقم (٢٠٤٣) عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنَّ عمر - رضي الله عنه - نذر في الجاهلية أن يعتكف في المسجد الحرام - قال: أراه قال ليلة - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أوف بنذرك". وما ذكره المؤلف من مخالفة الحنفية لنص هذا الحديث، صرح به الكاساني فقال في شرائط الوفاء بالنذر: "الإسلام، فلا يصح نذر الكافر، حنى لو نذر ثم أسلم لا يلزمه الوفاء به". وانظر: بدائع الصنائع (٥/ ٨٢)، واقتصر المؤلف في المحلى (٨/ ٢٥) على ذكر مخالفة مالك في هذا ولم يحك عن أبي حنيفة فيه خلافا.
(¬٢) أخرج ابن أبي شيبة في المصنف برقم (٣١٤٤١ - ٦/ ٢٨٧) بسنده عن أبي الأسود الدؤلي قال: كان معاذ باليمن فارتفعوا إليه في يهودي مات وترك أخاه مسلما فقال معاذ: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الإسلام يزيد ولا ينقص" فورثه.
وأخرج ابن أبي شيبة أيضا في المصنف برقم (٣١٤٤٢ - ٦/ ٢٨٧) بسنده عن عبد الله بن معقل قال: "ما رأيت قضاء بعد قضاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن من قضاء قضى به معاوية في أهل الكتاب، قال: نرثهم، ولا يرثوننا، كما يحل لنا النكاح فيهم، ولا يحل لهم النكاح فينا". وحكى المؤلف في المحلى (٩/ ٣٠٤) مذهب معاذ ومعاوية.
ومذهب الحنفية في توريث المسلمين خاصَّة من المرتد في: المختصر (ص ٢٦٠) وشرح معاني الآثار (٢/ ٢٦٥) والهداية (٢/ ٤٥٩) واللباب في شرح الكتاب (٤/ ١٥٠) والمحلى (٩/ ٣٠٤ - ٣٠٦).

الصفحة 475