كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
واحتجوا لقولهم في جواز صلاة الجنازة بالتيمم في الحضر والمصر، بخبر أبي جهيم (¬١) في تيمم رسول الله لرد السلام (¬٢)، وليس في هذا من حكم صلاة الجنازة أثر (¬٣)؛ وخالفوا نص هذا الخبر، فلم يكرهوا رد السلام على غير طهارة، ولم يروا للتيمم لذلك معنى ولا وجها، وخالفوه في نص ما فيه من التيمم للكفين دون المرافق (¬٤).
---------------
(¬١) أبو جهيم - بالتصغير - بن الحارث بن الصمة بن عمرو الأنصاري، روى عنه بشر بن سعيد، وعبد الله بن يسار، له أحاديث اتفقا على حديثين، أخرج له الستة، وترجمته عزيزة وانظر: الإصابة (٧/ ٦٢) وتهذيب التهذيب (٦/ ٣٢٨) وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص ٤٤٧).
(¬٢) أخرجه النسائي في الكبرى في الطهارة، باب التمم في الحضر برقم (٣٠٧)، وأبو داود في الطهارة، باب التيمم في الحضر برقم (٣٢٩) كلاهما من طريق الأعرج عن عمير مولى ابن عباس قال: "أقبلت وعبد الله بن يسار مولى ميمونة حتى دخلنا على أبي جهيم فقال: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام". هذا لفظ النسائي.
(¬٣) قال الأحناف: يتيمم لصلاة الجنازة في المصر إذا خاف فوتها، لأنها تفوت لا إلى خلف واستدلوا بالحديث الذي ذكره المؤلف هنا، قال السرخسي: "فصار هذا أصلا إلى أن كل ما يفوت لا إلى بدل يجوز أداؤه بالتيمم مع وجود الماء". وانظر: المبسوط (١/ ١١٨) وتحفة الفقهاء (٢/ ٣٩) وشرح معاني الآثار (١/ ٨٦) وتبيين الحقائق (١/ ٤٢) والفتاوى الهندية (١/ ٢٧).
(¬٤) قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في القديم: التيمم: مسح الوجه واليدين مع المرفقين بالتراب بضربتين أو أكثر، وقال أحمد وداود ومالك في رواية عنه؛ والشافعي في المشهور عنه: إن التيمم في الوجه والكفين، واستدل الحنفية بحديث عمار في صفة التيمم، وقالوا: ولأن الله تعالى أوجب غسل الأعضاء الثلاثة، ومسح الرأس في =