كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
بالروث، وهذا أَعْجَبُ جِدًّا (¬١)! ! !
واحتجوا في استنجاس المني بالخبرين الصحيحين اللَّذَيْنِ في أحدهما أنه عليه السلام غسله (¬٢)؛ وفي الآخر أن عائشة كانت تفركه من
---------------
= الطحاوي: لأنه لو كان مشترطا لطلب ثالثا، وقالوا أيضا: إن الإنقاء حاصل بأقل من ثلاثة أحجار، فإذا كان ذلك كذلك، فلا معنى لاشتراط الزيادة بالثلاث، وقالوا: ولعل ذِكْرَ الثلاثة في الحديث خرج مخرج الغالب، أو يحمل ذلك على الاستحباب. قال الحافظ في الفتح (١/ ٢٥٧): "واستدل به - أي بحديث ابن مسعود - الطحاوي على عدم اشْتِرَاطِ الثلاثة .. كذا قال وغفل رحمه الله عما أخرجه أحمد في مسنده ... عن ابن مسعود في هذا الحديث فإن فيه: "فألقى الروثة وقال: إنها ركس، ائتني بحجر ... ". واستدلال الطحاوي فيه نظر بعد ذلك، لاحتمال أن يكون اكتفى بالأمر الأول في طلب الثلاثة، فلم يجدد الأمر بطلب الثالث؛ أو اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث، لأن المقصود بالثلاثة أن يمسح بها ثلاث مسحات، وذلك حاصل ولو بواحد، والدليل على صحته، أنه لو مسح بطرف واحد ورماه ثم جاء شخص آخر فمسح بطرفه الآخر لأجزأهما بلا خلاف". وانظر مذهب الأحناف في هذه المسألة في: شرح معاني الآثار (١/ ١٢١) والهداية (١/ ٣٩) وتبيين الحقائق (١/ ٧٧ - ٨٧) وناقش المؤلف الحنفية بنحو ما ذكره هنا في المحلى (١/ ٩٧ - ١٠٠).
(¬١) قال الحنفية يكره الاستنجاء بالروث، لكن لو استنجى شخص بالروث أجزأه لحصول المقصود، وانظر: الهداية (١/ ٤٠) وتبيين الحقائق (١/ ٧٨).
(¬٢) أخرجه البخاري في الوضوء، باب غسل المني وفركه، وغسل ما يصيب من المرأة برقم (٢٢٩ و ٢٣٠ و ٢٣١)، ومسلم في الطهارة، باب حكم المني (٣/ ١٩٧)؛ والترمذي في الطهارة، باب غسل المني من الثوب برقم (١١٧)، وابن ماجه في الطهارة، باب المني يصيب الثوب برقم (٥٣٦)، وساقه البخاري من حديث عائشة قالت: "كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه".