كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

ثوبه (¬١)؛ ثم تحكموا، فقالوا: يفرك اليابس ولا يجزئ في الرَّطْبِ إلا الغسل تحكما بلا دليل (¬٢).
واحتجوا في الماء ينجس بالخبر الثابت عن رسول الله: "إذا بلغ الماء
---------------
(¬١) أخرجه مسلم في الطهارة، باب حكم المني (٣/ ١٩٦)، وأبو داود في الطهارة، باب المني يصيب الثوب برقم (٣٧١ و ٣٧٢)، والترمذي في الطهارة، باب ما جاء في المني يصيب الثوب برقم (١٦٦)، وابن ماجه في الطهارة، باب في فرك المني من الثوب برقم (٥٣٧ و ٥٣٨ و ٥٣٩)، والدارقطني في الطهارة، باب ما ورد في طهارة المني (١/ ١٢٥) عن عائشة في المني قالت: "كنت أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". هذا لفظ مسلم.
(¬٢) ذهب مالك وأبو حنيفة إلى نجاسة المني إلا أن أبا حنيفة قال: يكفي في تطهيره فركه إذا كان يابسا وهو رواية عن أحمد، وقال مالك: لا بد من غسله رطبا ويابسا، وانظر تفاصيل المذاهب والأدلة وما لها وما عليها في: شرح معاني الآثار (١/ ٥٣) وتحفة الفقهاء (٢/ ٧٠) والمجموع (١/ ٥٥٤) والهداية (١/ ٣٧) وبدائع الصنائع (١/ ٦٠ - ٦١) والتحقيق في أحاديث الخلاف (١/ ١٠٦) وتبيين الحقائق (١/ ٧١) وحكى المؤلف في المحلى (١/ ١٢٨) تفرقة الحنفية بين المني الرطب واليابس وقال: "وقال بعضهم: يغسله رطبا على حديث سليمان بن يسار - يشير إلى حديث عائشة في غسل المني - ويحكه يابسا على سائر الأحاديث، قال علي: وهذا باطل. لأنه ليس في حديث سُلَيمان أنه كان رطبا، ولا في سائر الأحاديث أنه كان يابسا، إلا في حديث الخولاني وحده، فحصل هذا القائل على الكذب؛ والتحكم إذ زاد في الأخبار ما ليس فيها. قال علي: وقد قال بعضهم: معنى: "فكنت أفركه". أي بالماء؛ قال علي: وهذا كذب آخر، وزيادة في الخبر، فكيف، وفي بعض الأخبار - كما أوردنا -: "يابسا بظفري"؛ قال علي: ولو كان نجسا لما ترك الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي به؛ ولا خَبَّرَهُ كما أخبره إذ صلى بنعليه، وفيهما قذر فخلعهما ... ".

الصفحة 485