كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
يتوضأ، وبالجملة فليس فيه أنه عليه السلام لَمَسَهَا، ولا أنه أقر قدمه في يدها، والوضوء عندنا لا ينتقض إلا بقصد اللامس إلى اللمس؛ ذاكرا لوضوئه فقط (¬١).
واحتجوا أيضا في هذا القول بعينه بصلاة رسول الله بالناس حاملا أُمَامَة بنت أبي العاصي (¬٢)؛ وليس في هذا الخبر شيء من تقسيمهم الفاسد الذي ذكرنا، ولا فيه أن بشرة يده وقعت على شيء من بشرتها دون حائل بينهما من لباسها، فموهوا بذكر هذا الخبر فيما ليس فيه منه أثر، ثم خالفوه في نصه، فقالوا: من صلى كذلك بطلت صلاته
---------------
(¬١) قال الحنفية: لمس المرأة لا ينقض الوضوء سواء كان للذة أو لغير لذة؛ واستدلوا بما ذكره المؤلف هنا، وأجابوا عن آية سورة المائدة برقم (٦): {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}. بأن المراد باللمس فيها الجماع.
وانظر: تبيين الحقائق (١/ ١٢) وساق المؤلف في المحلى (١/ ٢٤٦ - ٢٤٨) مذهب أبي حنيفة وهذا الحديث، ثم قال: "وهذا لا حجة لهم فيه لأنَّ الوضوء إنَّما هو على القاصد إلى اللمس لا على الملموس دون أن يقصد هو إلى فعل الملامسة لأنه لم يلامس ... ".
(¬٢) أخرجه البخاري في عدة مواضع من صحيحه منها في الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة برقم (٥١٦)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (٥/ ٣١)، وأبو داود في الصلاة، باب العمل في الصلاة برقم (٩١٧) والنسائي في الإمامة، باب ما يجوز للإمام من العمل في الصلاة (٢/ ٩٥)، والدارمي في الصلاة، باب العمل في الصلاة برقم (١٣٣٣).
ولفظ البخاري: عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.