كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

في تلك الأخبار أن دية شبه العمد دية الخطأ، وفي بعضها مغلظة، وفي سائرها أن الدية في ذلك مائة من الإبل منها أربعون حوامل كلها، فخالف أبو حنيفة كلّ ذلك فقال: دية شبه العمد أرباع خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة (¬١).
واحتجوا بأخبار ساقطة: "كُلُّ شَيْءٍ خطأ إلا السيف" (¬٢)؛ ثم
---------------
= محمد بن سيرين مع جلالته، والقاسم وثقه أبو داود، وابن المديني، وابن حبان".
ومنها ما هو مرسل: ما أخبره ابن أبي شيبة في المصنف برقم (٢٧٤١٣ - ٥/ ٤٠٤) عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قتيل السوط والعصا شبه العمد، فيها مائة من الإبل: أربعون منها في بطونها أولادها".
(¬١) ما ذكره المؤلف هنا هو ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف، وخالفهما محمد فقال: "في دية شبه العمد ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة وأربعون ثنية في بطونها أولادها"؛ وانظر: مختصر الطحاوي (ص ٢٣٤) والهداية (٤/ ٥٢٢) وتبيين الحقائق (٦/ ١٢٦) والمحلى (١٠/ ٣٨٢ - ٣٨٣).
(¬٢) أخرجه البيهقي في الكبرى في الجراح، باب عمد القتل بالسيف أو السكين، أو ما يشق بحده برقم (١٥٩٨١ - ٨/ ٧٦) وعبد الرزاق في المصنف برقم (١٧١٨٢ (٩/ ٢٧٣) وابن أبي شيبة في المصنف أيضا برقم (٢٦٧٦٣ - ٥/ ٣٤٨)، كلهم من طريق جابر الجعفي عن أبي عازب عن النعمان بن بشير قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل شيء خطأ إلا السيف، ولكل خطأ أرش".
قال البيهقي: "مدار هذا الحديث على جابر الجعفي، وقيس بن الربيع ولا يحتج بهما".
وانظر معرفة السنن (٦/ ١٦٧). وساق المؤلف في المحلى (١٠/ ٣٧٨) هذا الحديث وقال: "جابر الجعفي كذاب، وأول من شهد عليه بالكذب أبو حنيفة، ثم لم يبال بذلك أصحابه، فاحتجوا بروايته حيث اشتهوا".

الصفحة 511