كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
خالفوها فقالوا: إذ ذبحه بليطة (¬١) قصب، أو أحرقه بالنار، أو خنقه حتى مات، بعد أن يخنق آخر كذلك؛ أو قتله برمح؛ أو بسهم، أو ذبحه بسكين فهو عمد، وفي كل ذلك القود؛ فإن قتله بحجر ضخم؛ أو ضرب رأسه بعود ضخم، حتى كسر عظام رأسه، وخرج دماغه، أو غَرَّقَهُ مُكَتَّفًا في البحر فمات؛ أو سد (¬٢) عليه بابا حتى مات جوعا؛ أو خنقه، ولم يخنق غيره قبله، فلا قود في شيء من ذلك، فاعجبوا لهذه الحماقات (¬٣)! !
ثم احتجوا لقولهم: لا يقاد في النفس إلا بضرب الرقبة لا بمثل ما فعل بخبر لا يصح: "لا قود إلا بحديدة" (¬٤)؛ وخالفوه فقالوا: لا
---------------
(¬١) الليطة: بالكسر: قشر القصبة والقوس والقناة جمع ليط ولياط بكسرهما انظر القاموس المحيط مادة لوط (ص ٨٨٦).
(¬٢) هذا الذي استظهرته؛ وتَحْتَملُ الكلمةُ أن تُقرأ: "طمس"؛ ويقال سد الثلمة كمد: أصلحها ووثقها انظر القاموس مادة سدد (ص ٣٦٧).
(¬٣) انظر شرح معاني الآثار (٣/ ١٨٦) والهداية (٧/ ٥٠٤) وحكى المصنف في المعلى (١٠/ ٣٨٦) هذا عن أبي حنيفة وقال: "قول أبي حنيفة من تأمله علم أنه مخالف لكل خبر روي في ذلك ... وما نعلم أحدا وافق أبا حنيفة على ذلك إلا أبا الزناد، وخالفه في صفة شبه العمد؛ وما نعلم مصيبة، ولا فضيحة على الإسلام أشد، ممن لم ير القود فيمن يقتل المسلمين بالصخر والتَّغْرِيقِ، والشدخ بالحجارة، ثم لا قود عليه، ولا غرامة، بل تكلف الديات في ذلك عاقلته مع عظيم تناقضه إذ لم ير عمد الخطأ إلا في النفس، ولم يره فيما دونها".
(¬٤) أخرجه الدارقطني في الحدود (٣/ ٨٨) عن معلى بن هلال عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قود إلا بحديدة، ولا قود في النفس وغيرها إلا بحديدة"؛ قال الدارقطني: "ومعلى بن هلال متروك". وأخرجه =