كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

وقالوا: تفضيل بعض الولد على بعض جور (¬١)؛ وقد أمضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬٢)، فلم يستحيوا أن يجعلوه عليه السلام حاكما بالجور ولقد كنا نستبشع كلام ذي الخويصرة (¬٣) - لعنه الله - حتى أتانا هؤلاء
---------------
= (٤/ ٥١٨) وستأتي هذه المسألة من وجه آخر؛ ولقد فهم الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٧٧) من حديث "العائد في هبته" عدم تحريم الرجوع في الهبة قال: وقوله: "كالعائد في قيئه"؛ وإن اقتضى التحريم لكون القيء حراما، لكن الزيادة في الرواية الأخرى، وهي قوله: "كالكلب" تدل على عدم التحريم، لأن الكلب غير متعبد، فالقيء ليس حراما عليه؛ والمراد التنزيه عن فعل يشبه فعل الكلب". قال الحافظ في الفتح (٥/ ٢٣٥) متعقبا كلام الطحاوي: "وتعقب باستبعاد ما تأوله، ومنافرة سياق الأحاديث له، وبأن عرف الشرع في مثل هذه الأشاء يُرِيدُ بِه المبالغة في الزجر كقوله: من لعب بالنردشير، فكأنما غمس يده في لحم الخنزير".
(¬١) يعني في العطية أو الهدية أو الهبة، والعدل في ذلك في قول أبي يوسف، وقال محمد بن الحسن وأحمد وإسحاق ويعض الشافعية والمالكية: العدل أن يعطى الذكر حظين كالميراث؛ وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة؛ فإن فضل بعضا صح وكره، فحملوا الأمر الوارد في العدل على الندب، والنهي على التنزيه. وانظر: المختصر للطحاوي (ص ١٣٨) وفتح الباري (٥/ ٢١٤ - ٢١٥).
(¬٢) كأن المؤلف يشير إلى حديث النعمان بن بشير قال: "سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثم بدا له، فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا، قال: ألك ولد سواه؟ قال: نحم، قال: فأراه، قال: لا تشهدني على جور"، أخرجه البخاري في الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد برقم (٢٦٥٠).
(¬٣) ذو الخويصرة التميمي: قال الحافظ في الإصابة (٢/ ٣٤٣): "ذكره ابن الأثير في الصحابة مستدركا على من قبله، ولم يورد في ترجمته سوى ما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد، قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم ذات يوم قسما، فقال =

الصفحة 520