كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

متكئا؛ أو متوركا؛ أو مستندا؛ وأن يضع جنبه (¬١).
واحتجوا في قولهم بالمسح على عصائب الجراح بخبر ساقط فيه تخيير المجروح بين التيمم، وبين أن يعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده (¬٢)، ثم خالفوه؛ فلم يروا لمن يقدر على غسل الصحيح من جسده، والمسح على العصابة على المجروح منه أن يتيمم أصلا، ولم يجيزوه في ذلك (¬٣).
واحتجوا لقولهم الفاسد في أن المقر بالحد، إن رجع عن إقراره، سقط عن الحد بما روي عن بريدة الأسلمي (¬٤) من قوله: "كنا
---------------
(¬١) تقدم فقه هذه المسألة.
(¬٢) أخرجه الدارقطني في الطهارة، باب جواز المسح على الجبائر (١/ ٢٢٦)، والبيهقي في الكبرى كتاب الطهارة، باب المسح على العصائب والجبائر برقم (١٠٨٢ - ١/ ٣٤٩).
كلاهما عن علي بن أبي طالب قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجبائر يكون على الكسر، كيف يتوضأ - صاحبها، وكيف يغتسل إذا أجنب؟ قال: يمسحان بالماء عليها في الجنابة والوضوء، قلت: فإن كان في برد يخاف على نفسه إذ اغتسل؟ قال: "يمر على جسده".
وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}. يتيمم إذا خاف.
قال الدارقطني: "أبو الوليد خالد بن يزيد المكي ضعيف". وقال البيهقي: "ورواه أبو الوليد خالد بن يزيد المكي بإسناد آخر عن زيد بن علي عن علي مرسلا؛ وأبو الوليد ضعيف ولا يثبت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء، وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح الذي قد تقدم وليس بالقوي، وإنما فيه قول الفقهاء من التابعين فمن بعدهم". وانظر: معرفة السنن (١/ ٣٠١).
(¬٣) انظر: الهداية (١/ ٣٢) وتحفة الفقهاء (٢/ ٩٠).
(¬٤) بريدة - بالتصغير - بن الحصب بن عبد الله الأسلمي، أسلم حين مر به النبي - صلى الله عليه وسلم - مهاجرا بالغميم - موضع قرب المدينة - وأقام في موضعه حتى مضت بدر وَأُحد، روى =

الصفحة 526