كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
نَتَحَدَّث لَوْ أن ماعزا رجع لم يطلبه رسول الله" (¬١).
فجعلوا هذا الظن من بريدة إسقاطا لحدود الله تعالى الواجبة؛ ثم لم يروا قول خزيمة بن ثابت (¬٢) "أمرنا رسول الله بالمسح ثلاثا، ولو
---------------
= عنه ابنه عبد الله وأبو المليح عامر، مات بخراسان سنة ٦٣ هـ أو في التي تليها. أخرج له الجماعة. انظر: طبقات ابن سعد (٤/ ٢٤١) والإصابة في تمييز الصحابة (١/ ٤١٨) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص ٤٧).
(¬١) أخرجه أبو داود في الحدود، باب رجم ماعز بن مالك برقم (٤٤٣٤) من طريق بشير بن المهاجر قال حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: "كنا أصحاب رسول الله نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما أو قال: لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يَطْلُبْهُمَا، وإنما رجمهما عند الرابعة".
قال الحنفية المسقط للحد بعد وجوبه الرجوع عن الإقرار بالزنا والسرقة والشرب، لأنه يحتمل أن يكون صادقا في الرُّجوع وهو الإنكار، ويحتمل أن يكون كاذبا فيه، فإن كان صادقا في الإنكار يكون كاذبا في الإقرار، وإن كان كاذبا في الإنكار، يكون صادقا في الإقرار، فيورث شبهة في ظهور الحد، والحدود لا تستوفي بالشبهات. وانظر: حلية العلماء (٨/ ٧٧) وبدائع الصنائع (٧/ ٦١) والمغني (٩/ ٦٨). وحكى المصنف في المحلى (٨/ ٢٥٢) مذهب الحنفية والمالكية في جواز الرجوع عن الإقرار وقال: "وأما الرجوع عن الإقرار فكلهم متفق على ما قلنا إلا في الرجوع عن الإقرار بما يوجب الحد فإن الحنيفيين والمالكين قالوا: إن رجع لم يكن عليه شيء وهذا باطل، والقوم أصحاب قياس بزعمهم، فهلا قاسوا الإقرار بالحد على الإقرار بالحقوق سواه؟ وأيضا فإن الحد قد لزمه بإقراره فمن ادعى سقوطه برجوعه فقد ادعى ما لا برهان له به، ... ".
(¬٢) خُزَيْمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاري الأوسي ثم الخطمي ذو الشهادتين من السابقين الأولين، شهد بدرا وما بعدها. له ثمانية وثلاثون حديثا، روى عنه ابنه: عمارة وإبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، قتل سنة ٣٧ هـ مع علي بصفين. أخرج له مسلم والأربعة. انظر: طبقات ابن سعد (٤/ ٣٧٨) والتاريخ الكبير (٣/ ٢٠٥ - ٢٠٦) والإصابة في تمييز الصحابة (٢/ ٢٣٩ - ٢٤٠) وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص ١٠٤).