كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

واحتجوا بالخبر الصحيح في قول أهل قباء إذ أتاهم من أخبرهم، بأن القبلة حولت عن بيت المقدس إلى الكعبة، فتحولوا كما هم إلى الكعبة وصلوا ما بقي عليهم من صلاتهم تلك إلى الكعبة، بَانِينَ على ما مضى منها (¬١)، وقالوا: هذا أصل لكل من طرأ عليه فرض لغير فرضه في أنه يبني، ثم خالفوه من قرب فقالوا: من صلى الجمعة في وقتها ثم دخل عليه وقت العصر قبل أن يسلم منها، فإن جمعته تبطل وعليه أن يبتدئها ظهرا أربعا (¬٢).
واحتجوا في وقت العشاء الآخرة إلى نصف الليل، بالخبر الوارد في ذلك نصا (¬٣)
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في الصلاة، باب ما جاء في القبلة ... برقم (٤٠٣)، ومسلم في المساجد، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة (٥/ ٩)، كلاهما عن ابن عمر قال: "بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذْ جاءهم آت". فقال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة". انتهى لفظ البخاري.
(¬٢) تبطل صلاة من صلى الجمعة ثم أدركه وقت العصر قبل أن يسلم منها عند الأحناف وذلك لأن من شرطها عندهم وقت الظهر، قالوا: وعلى المصلي أن يستقبل الظهر أربعا.
وانظر: تحفة الفقهاء (٢/ ١٦٠) وتبيين الحقائق (١/ ٢١٩).
(¬٣) أخرجه البخاري في المواقيت، باب وقت العشاء إلى نصف الليل برقم (٥٧٢)، ومسلم في المساجد، باب وقت العشاء وتأخيرها (٥/ ١٣٩) وأبو داود في الصلاة، باب في وقت العشاء الآخرة برقم (٤٢٢)، والترمذي في الصلاة، باب ما جاء في تأخير صلاة العشاء الآخرة برقم (١٦٧)، والنسائي في المواقيت، باب ما يستحب من تأخير العشاء (١/ ٢٦٥) وابن ماجة في الصلاة، باب وقت صلاة العشاء برقم (٦٩٠)، والطيالسي في مسنده حديث رقم (٩٢٠) وسياق البخاري: عن أنس قال: "أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة =

الصفحة 529