كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
العجماء جُبَار" (¬١)؛ وليس فيه خلاف لقول من لم يضمنه، وما خالفه أحد هنا في أن البعير لو قتله لم يؤخذ البعير بشيء ولا صاحبه، ثم خالفوه فقالوا: من ركب بعيرا وقاد قطارا (¬٢)، من ألف بعير كلها خَلْفَهُ، أو ساقها وكلها أمامه فهو ضامن لما أصاب أولها وآخرها بِعَمَهٍ (¬٣)، أو بيده.
واحتجوا لقولهم الفاسد في أن من استهلك ما لا يكال، ولا يوزن بالقيمة لا بالمثل، بحديث تضمين من أعتق شِقْصَا (¬٤) له في عبد بينه
---------------
(¬١) مضى تخريج هذا الحديث وساق المؤلف في المحلى (٨/ ١٤٥) مذهب الحنفية وما استدلوا به من هذا الحديث ثم قال: "قال علي، أما الحديث: جرح العجماء جبار"؛ ففي غاية الصحة، ويه نقول ولا حجة لهم فيه لأننا لم نخالفهم في أن ما جرحته العجماء لا يُغرم، وليس فيه الا هذا، بل هو حجة عليهم في تضمينهم الراكب، والسائق، والقائد ما أصابت العجماء مما لم يحملها عليه، فهم المخالفون لهذا الأثر حقا ... والعجب أنهم يقولون: إن الأسد، والسبع حرامٌ قتله في الحرم، وعلى قاتله الجزاء إلا أن يبتدئ المحرم بأذى، فله قتله، ولا يجزئه، فكم هذا التناقض، والهدم والبناء؟ ! ... ".
(¬٢) يقال: جاءت الإبل قطارا بالكسر أي مقطورة؛ وقطر الإبل قطرا وقطرها وأقطرها: قَرَّبَ بعضها إلى بعض على نسق، وانظر القاموس مادة قطر (ص ٥٩٦). وانظر أيضا: مختصر الطحاوي (ص ٢٥٢) والهداية (٤/ ٥٣٦).
(¬٣) وردت في النسخة التي بين يدي مضبوطة وذلك بكسر الباء وفتح العين والميم، والعمه: التردد في الضلال، والتحير في منازعة أو طريق، أو أن لا يعرف الحجة.
وانظر القاموس مادة عمه (ص ١٦١٣).
(¬٤) الشقص - بالكسر -: القطعة من الأرض، والطائفة من الشيء. وانظر: مختار الصحاح مادة شقص (ص ٢٧٢).