كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

الأعبد أحدا؛ وخالفوه أيضا في قسمة الرقيق، فلم يجيزوها لا في الميراث ولا في غيره إذا لم يكن معهم مال آخر (¬١).
واحتجوا في قولهم الفاسد أن المكره على اليمين، وعلى النذر يَلْزَمَانِهِ، وعليه الكفارة إن حنث والنذر إن حنث أيضا بخبر لا يصح عن حذيفة أن قريشا أخذته يوم بدر، فأخذوا عليه أن لا يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمره عليه السلام بأن يفي لهم بذلك العهد (¬٢)؛ وهذا غاية التمويه منهم، لأنه ليس في هذا الخبر أنه أكرهوه على يمين ولا على نذر أصلا، هذا مع فساد الخبر، وظهور التَّوْليد فيه، لأن حذيفة كان من سكان المدينة حليفا للأنصار، وطريقه على بدر ليس على مكان قريش أصلا؛ وَيُسْأَلون عمن أكرهه المشركون، فعاهدهم على أن لا يصلي أبدا، ولا يصوم رمضان، وأن يفسق بأمه، أيفي بهذا العهد؟ فو الله ما بين هذه الأمور، وبين من تعمد ترك نصر رسول الله فرق؟ ! ! !
---------------
(¬١) انظر: بدائع الصائع (٧/ ٢١).
(¬٢) ذكر المؤلف هذا الخبر في المحلى (٨/ ٣٣٦) - ولم أجده - وقال: "وهو حديث مكذوب، وما كان المشركون المانعون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطُّ في طريق بدر، وحذيفة لم يكن من أهل مكة، وإنما هو من أهل المدينة حليف للأنصار، ونص القرآن يخبر بأنهم لم يجتمعوا ببدر عن وعد ولا علم بعضهم ببعض حتى قرب العسكران، ولم يكن بينهم إلا كثيب رمل فقط ومثلهم - يعني الحنفية - احتج بمثل هذا وحاش لله أن يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإنفاذ عهد بمعصية، ليت شعري لو عاهدوا إنسانا على أن يصلي أو يأتي أمه أكان يلزمهم هذا عندهم؟ ! إن هذا لعجب! ونعوذ بالله من الخذلان".

الصفحة 547