كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الذي استأجر أجيرا بفرق أرز، فلما دفعه إليه تسخطه، فتركه، فزرعه له، حتى نما، فجمع له منه بقرا براعيها، وثناء النبي عليه السلام عيه بذلك (¬١)، فلا حجة لهم فيه، لأنه ليس فيه أن ذلك الفرق كان معينا، بل كان في ذمة المستأجر فإنما كان متصرفا في مال نفسه، متطوعا له بما أعطاه من البقر.
واحتجوا أيضا في ذلك بخبر عروة البارقي (¬٢)، وذكر فيه أن النبي عليه السلام أعطاه دينارا ليبتاع له أضحية فابتاع له شاة بدينار، ثم باعها بدينارين، فابتاع له شاة بدينار، فأتاه بها وبالدينار (¬٣).
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب حديث الغار برقم (٣٤٦٥)، وأبو داود في البيوع، باب في الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه برقم (٣٣٨٧) عن ابن عمر وفيه: أن أحد الثلاثة أصحاب الغار قال: "اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز، فذهب وتركه، وأني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته، فصار من أمره أني اشريت منه بقرا، وأنه أتاني يَطْلُبُ أجْرَهُ فقلت: اعمد إلى تلك البقر فسقها، فقال لي: إنما لي عندك فرق أرز فقلت: اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق فساقها ... ".
قال الحافظ في الفتح (٦/ ٥٠٧): "الفرق: هو مكيال يسع ثلاثة آصع".
(¬٢) عروة بن أبي الجعد - ويقال بن الجعد - الأسدي البارقي، الصحابي، نزل الكوفة، روى عنه، قيس بن أبي حازم والشعبي، وسماك بن حرب، ولي قضاء الكوفة لعمر، قال الشعبي: "هو أول من قضى بها". أخرج له الجماعة. وكان فيمن حضر فتوح الشام. لم أقف على وفاته، انظر: طبقات ابن سعد (٦/ ٣٤) والتاريخ الكبير (٧/ ٣١) والإصابة في تمييز الصحابة (٤/ ٤٠٣ - ٤٠٤) وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص ٢٦٤).
(¬٣) أخرجه البخاري في المناقب برقم (٣٦٤٢)، وأبو داود في البيوع، باب في المضارب يخالف برقم (٣٣٨٤)، وابن ماجه في الصدقات، باب الأمين يتجر فيه فيربح برقم (٢٤٠٢)، وسياق البخاري: عن عروة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ دينارا يشتري له به شاة =