كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)

لأنهم احتجوا على خلاف ما فيه من إباحة ثمن كل كلب، فاعجبوا لهذا! ! (¬١)
واحتجوا لقولهم بأن علة الربا الكيل والوزن بأخبار فيها: "لا صاعين بصاع" (¬٢) ثم خالفوها، فأجازوا صاعين بصاع من غير جنسه، فإن قالوا خصصنا ذلك بقول رسول الله: "فإذا اختلفت الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد" (¬٣). فعلمنا أنه أراد عليه السلام إلا صاعين بصاع
---------------
= شبه على من ذكر في حديث النهي عن ثمنه من الرواة الذين هم دون الصحابة والتابعين".
(¬١) بيع كل ذي ناب من السباع سوى الخنزير كالكلب والفهد والأسد، والنمر والهر ونحوها جائز عند جمهور الحنفية، ولا فرق بين الكلب المعلم وغير المعلم، فيجوز بيعه كيف ما كان، وروي عن أبي يوسف "أنه لا يجوز بيع الكلب العقور، ومما استدل به على جواز بيع الكلب أنه مال، فكان محلا للبيع كالصقر والبازي، وهو مما ينتفع به فكان مالا، فلذلك جاز بيعه وأجاب الحنفية عن حديث النَّهي عن ثَمن الكلب، بأنَّه كان في ابتداء الإسلام، لأنَّهم كانُوا أَلِفُوا اقتناء الكلاب، فَأَمَرَ بقتلها ونهى عن بيعها مبالغة في الزجر. وانظر: مختصر الطحاوي (ص ٨٤) وشرح معاني الآثار (٤/ ٥٣ - ٥٨) والمجموع (٩/ ٢٢٨) والمغني (٤/ ٨٥٠) وبدائع الصنائع (٥/ ١٤٢ - ١٤٣) وأَجَابَ المُصَنِّفُ في المحلى (٩/ ١٢) عن ادعاء النسخ في النهي عن بيع الكلاب فقال: "هذا كذب بَحْتٌ على الله تعالى وعلى رسوله عليه السلام لأنه إخبار بالباطل، وبما لم يات به قط نص، ودعوى بلا برهان، وليس نسخ شيء بموجب نسخ شيء آخر، وليس إباحة اتخاذ شيء بمبيح لبيعه ... ".
(¬٢) من ذلك ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف برقم (١٩١ - ١٤ - ٨/ ٣٣) قال: أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بعض أهله فوجد عندهم تمرا أجود من تمرهم، فقال: من أين هذا؟ قالوا: أبدلنا صاعين بصاع، فقال: لا صاعين بصاع، ولا درهمين بدرهم".
(¬٣) أخرجه مسلم في البيوع، باب الربا (١١/ ١٤)، وأبو داود في البيوع، باب في =

الصفحة 557