كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 2)
واحتجوا في قولهم الفاسد في المنع من بيع المدبر بخبر ساقط أن رسول الله باع خدمة المدبر (¬١)، ثم خالفوه فلم يجيزوا بيع خدمة المدبر أصلا، وهذا من طَوَامِّهم أن يحتجوا بخبر ساقط، فيما ليس فيه منه أثر، وهم يخالفون نصه، وما فيه! ! (¬٢).
---------------
(¬١) أخرجه البيهقي في الكبرى في المدبر، باب المدبر يجوز بيعه متى شاء مالكه برقم (٥٥١ - ٢١ - ١٠/ ٥٢٤) من طريق محمد بن طريف عن ابن فضيل عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأس ببيع خدمة المدبر إذا احتاج". قال البيهقي: وهذا خطأ من ابن طريف ثم نقل عن الدارقطني أنه قال: "هذا خطأ من ابن طريف والصواب عن عبد الملك عن أبي جعفر مرسلا ثم قال - يعني البيهقي -: محمد بن طريف رحمنا الله وإياه دخل له حديث في حديث، لأن الثقات إنما رووا عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر أن رجلا أعتق غلاما عن دبر منه، ولم يكن له مال غيره فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبيع بتسعمائة أو بسبعمائة". قلت: ما أشار إليه البيهقي من حديث جابر أخرجه البخاري في البيوع، باب بيع المدبر برقم (٢٢٣٠) ومسلم في الأيمان، باب جواز بيع المدبر (١١/ ١٤١)، وأبو داود في العتق برقم (٣٩٥٧)، والنسائي في الصغرى في البيوع، باب بيع المدبر (٧/ ٣٠٤) وابن ماجه في العتق، باب المدبر برقم (٢٥١٣)، وقال الحافظ في الفتح (٤/ ٤٢١)، في معنى المدبر: "أي الذي علق مالكه عتقه بموت مالكه، سمي بذلك لأن الموت دبر الحياة، أو لأن فاعله دبر أمر دنياه وآخرته، أما دنياه فباستمراره على الانتفاع بخدمة عبده؛ وأما آخرته فتحصيل ثواب العتق، وهو راجع إلى الأول".
(¬٢) قال أبو حنيفة: إن كان تدبيرا مطلقا لم يجز، وإن كان مقيدا بأن يقول: إن مت من مرضي هذا فأنت حر جاز وقال مالك: لا يجوز مطلقا وهو رواية عن أبي حنيفة ويه قال سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي والزهري والأوزاعي والثوري، ونقله القاضي عياض عن جهور العلماء من السلف وغيرهم من أهل الحجاز والشام والكوفة، وانظر أدلة كل فريق والاعتراضات في: حلية العلماء (٣/ ٦٥) وتحفة الفقهاء (١/ ٢٧٨) والمجموع (٩/ ٢٤٤) وتبيين الحقائق (٤/ ٤٥) وبدائع الصنائع (٤/ ١٤١) والمحلى (٩/ ٣٥ وما بعدها) حيث تجد فيه المسألة مستوفاة.