كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 3)

طالب - رضي الله عنه - (¬١) يقول: من كان منكم متطوعا أيَّامًا من الشهر يصومها، فليكن من صومه يوم الخميس ولا تتعمدوا يوم الجمعة، فإنه يوم عيد وطعام وشراب" (¬٢).
وصح هذا أيضًا عن أبي ذر وأبي هريرة وغيرهما (¬٣)، ولا يعرف لهما في ذلك مخالف من الصحابة فخالفوهم (¬٤)، فإن ذكروا قول ابن مسعود: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وقلما رأيته يفطر يوم الجمعة" (¬٥)، ومثله عن ابن عباس وابن عمر، فليس فيه إباحة تعمد صومه أصلا، ونحن لا ننكر صومه إذا وافق صوما كان المَرْءُ يصومه، أو أن يصومه ويَوْمًا قبله أو يوما بعده كما جاءت الآثار الصحاح (¬٦).
---------------
(¬١) سقط التَّرضي من ت.
(¬٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف برقم ٧٨١٣ (ج ٤/ ص ٢٨٢) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف برقم ٢٩٤٣ (ج ٢/ ص ٣٠٢).
(¬٣) أثر أبي ذر أخرجه عبد الرزاق في المصنف برقم ٨٧١١ (ج ٤/ ص ٢٨١) وفيه قال أبو ذر: "إن يوم الجمعة يوم عيد فتكون مفطرا خير لك"، وأما أثر أبي هريرة فأخرجه عبد الرزاق في المصنف برقم ٧٨٠٧ (ج ٤/ ص ٢٨٠) وفيه قال أبو هريرة: "ورب هذا البيت ما نهيت عن صيام يوم الجمعة ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه".
(¬٤) قال مالك وأبو حنيفة لا يكره صوم يوم الجمعة واستدلا بحديث عبد الله بن مسعود الذي سيذكره المؤلف بعد حين وانظر فقه المسألة في: المجموع (ج ٦/ ص ٤٣٨) والمحلى (ج ٨/ ص ٢٠) ونيل الأوطار (ج ٤/ ص ٢٥٠).
(¬٥) تقدم تخريجه.
(¬٦) تقدمت الإشارة إلى هذه الآثار.

الصفحة 907