كتاب الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس (اسم الجزء: 1)

¬ابن العريف فيه: "كان لسان ابن حزم، وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين" (¬١).
وسبب حِدَّة ابن حزم أمران:
الأوَّل: ما صرح به علانية: من المرض الذي وَرَّثَهُ الضَّجَرَ، وضيق الصدر، وقلة الاحتمال عندما قال: "ولقد أصابتني علة شديدة ولدت علي ربوا في الطحال شديدا، فولَّد علي ذلك من الضجر، وضيق الخلق، وقلة الصبر والنزق أمرا حاسبتُ نفسي فيه، إذ أنكرت تبدُّل خلقي، فاشتد عجبي من مفارقتي لطبعي، وصحَّ عندي أن الطحال موضع الفرح، فإذا فسد تولد ضده" (¬٢).
الثاني: ما أصابه من توالي المحن، وتتابع الفتن، بنفور الناس منه، وجفوتهم له وسوء معاملتهم، فَوَلَّدَ ذلك في نفسه إحساسا بإرادة السوء به، وإنزال الأذى بساحته، فكان منه ما كان (¬٣).
---------------
(¬١) انظر: وفيات الأعيان (ج ٣/ ص ٣٢٧) وتذكرة الحفاظ (ج ٣/ ص ١١٥٤) ولسان الميزان
(ج ٤/ ص ٢٠١) وطبقات علماء الحديث (ج ٣/ ص ٣٥٢) ومرآة الجنان (ج ٣/ ص ٨).
وللعلامة سعيد الأفغاني في "ابن حزم ورسالته في الصحابة" (ص ١٣٠) تعليق على كلمة ابن العريف رأيت إثباته هنا يقول فيه: "ولا والله ما يستويان فقد أفادت الشدة الحجاج، فوطدت ملكا، وقطعت مفاسد، وأمنت مخاوف، ثم خلد نفعها إلى الأبد وزال ضررها بزواله، ولم يفد عنف ابن حزم شيئا، بل أفسد عليه ما يرجو من نشر خير، ودعوة إلى الحق، ثم مات، ويقيت آثار لسانه تمض كل من يقرأ كتبه، سواء كان من الفرق التي نالها بالقوارض أو لم يكن".
(¬٢) انظر: مداواة النفوس ضمن رسائل ابن حزم (ج ١/ ص ٣٩١).
(¬٣) انظر: ابن حزم لأبي زهرة (ص ٨١).

الصفحة 98