كتاب الإنجاد في أبواب الجهاد

فصلٌ: في معنى الجهاد وحدِّه لغة وشرعاً
قال الله -تعالى-: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] ، وقال
-تعالى-: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6] ، وقال -تعالى-: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] .
فالجهاد في اللغة، أصله: الجَهْد (¬1) ، وهو: المَشَقَّة، يقال: جهدتُ الرجلَ: بَلغْتُ مشقته، وكذلك الجهاد في الله -تعالى-؛ إنما هو بذل الجهدِ في إذلالِ النفس وتذليلها في سُبلِ الشرع، والحملِ عليها بمخالفة الهوى، ومن الركون إلى الدَّعة واللذات، واتباع الشهوات (¬2) .
خرَّج الترمذي عن فضالة بن عُبيد: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المجاهد من جاهد نَفْسَه» (¬3) .
¬_________
(¬1) الجِهاد -بكسر الجيم- مصدر: جاهدت العدوَّ مجاهدة، وجهاداً، وأصله: جيهاد، كقيتال، فخُفِّفَ بحذف الياء، وهو مشتق من الجَهْد -بفتح الجيم- وهو التّعب والمشقة، لما فيه من ارتكابها، أو من الجُهد -بالضّم- وهو الطاقة، لأنّ كل واحد منهما بذل طاقته في دفع صاحبه، قاله القسطلاني في «إرشاد الساري» (5/30) .
(¬2) انظر: «لسان العرب» (3/134) ، و «المحيط في اللغة» (3/369) ، و «المصباح المنير» (ص 155) مادة (جهد) .
وانظر تعريفه الاصطلاحي في: «تحفة الفقهاء» (3/293) ، «بدائع الصنائع» (6/57) ، «اللباب في شرح الكتاب» (114) ، «شرح الزرقاني على الموطأ» (1/424) ، «فتاوى البرزلي» (2/8) ، «بلغة السالك» للصاوي (1/354) ، «تهذيب الأسماء واللغات» (3/56) ، «فتح الباري» (6/3) ، «شرح منتهى الإرادات» (1/617) .
وانظر: «تفسير النيسابوري» (11/126) ، «المفردات» للراغب (101) ، «حاشية الجمل على الجلالين» (3/441) ، «دستور العلماء» (1/291) ، «طلبة الطلبة» (165) ، «القاموس الفقهي» (71) ، «معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية» (1/543-544) ، «أحكام المجاهد بالنفس» (1/26-27) ، «الجهاد والقتال في السياسة الشرعية» (1/38-39) .
(¬3) أخرجه الترمذي (رقم 1621) ، وابن حبان (6424) ، وأحمد (6/20) ، والحاكم (2/ 144) من حديث فضالة بن عبيد به. وهو قطعة من حديث أخرجه أحمد (6/21) وابن المبارك في =

الصفحة 10