كتاب الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه

حتى إنهم يدرسون أحوالهم راوياً راوياً، بل حتى إنهم ليعرفون آباءهم وأجدادهم ومشايخهم، وتلامذتهم الذين حدثوا عنهم إلى آخر تلك الخدمة الفريدة التي قدمت ولا تزال تُقدم للسنة المطهرة، ولله الحمد والمنة.
ومن خدمتهم للسنة أنهم قسموا الأحاديث إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
القسم الأول: الحديث الصحيح، وهو الحديث المسند القوي الذي يتصل بإسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط، من أول السند إلى منتهاه، وقد سَلِمَ من العلل والشذوذ، ومتى قالوا: هذا حديث صحيح، فمعناه: أنه اتصل سنده مع توافر سائر الأوصاف فيه، وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لاختلافهم في توافر هذه الصفات فيه، أو لاختلافهم في اشتراط بعض هذه الأوصاف.
ثم إن الحديث الصحيح نفسه ينقسم إلى متفق عليه، ومختلف فيه، كما يتنوع إلى مشهور وغريب.
ويتفاوت الصحيح من حيث القوة أيضاً، فأقواه ما اتفق عليه البخاري ومسلم، ثم ما انفرد به البخاري وحده ثم ما انفرد به مسلم، وهكذا.
وقد يحكم بعضهم على سند بعينه أنه أصح الأسانيد على الإطلاق، فيرى الإمام إسحاق بن راهويه أن أصح الأسانيد كلها ما رواه الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر، ويوافقه على ذلك الإمام أحمد بن حنبل.
ويرى أبو بكر بن أبي شيبة أن أصح الأسانيد كلها: الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي.
بينما يرى الإمام البخاري صاحب الصحيح - وهو أول من صنف في الصحيح - أن أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر، وبنى على ذلك الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي أن أجل الأسانيد:

الصفحة 30