كتاب الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه

آت فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها، فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت"1.
فهؤلاء نخبة من أصحاب رسول الله كانوا على شراب كان حلالاً لهم أن يشربوه، فجاءهم آت يخبرهم بتحريمه، فبادر صاحب الجرار أبو طلحة بتكسيرها دون توقف، وقبل أن يقول هؤلاء، أو أحد من الحاضرين لمن أخبرهم بتحريم الخمر أنهم على حلها حتى يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتبينوا الأمر، لأن المخبر واحد، وخبر الواحد لا يفيد العلم.
كل ذلك لم يقع، ولكن الذي وقع أن القوم علموا بأن الحجة قائمة عليهم بحرمة الخمر، وأنه لا يجوز لهم أن يشربوا منها بعد هذا الخبر، فأقلعوا عن شرب الخمر بل كسروا جرارها وأراقوها امتثالاً للتحريم الذي علموه بخبر الواحد.
د- حديث بعث معاذ بن جبل إلى اليمن داعية ومفتياً وحاكماً، وفي مقدمة ما يدعو الناس إليه توحيد الله بالعبادة، وهو أصل الأصول وأساس الدين، وهو فرد واحد في منطقته التي يقوم فيها بالدعوة، وتعليم الناس ما فرض الله عليهم ويأخذ منهم ما وجب عليهم من الزكاة، بينما يعمل علي بن أبي طالب، وأبو موسى الأشعري في مناطق أخرى في اليمن، كل على حدة، وكل واحد تقوم به الحجة في جهته2.
وهناك عدد كبير من رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثهم في الآفاق دعاةً وولاةً ومفتين، ومبلغين عن رسول الله ما بعث به، ومن هذا القبيل أمراء السرايا وحملة كتبه، ورسائله عليه الصلاة والسلام إلى الملوك والأمراء في الأقطار
__________
1 أخرجه البخاري 1/36 - 37 و13/241، ومسلم 3/1572.
2 أخرجه البخاري 8/60 و13/347.

الصفحة 42