كتاب الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه

5- أحمد بن حنبل في رواية عنه،1 المتوفى سنة 241هـ.
يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن مكانة علم الحديث عند السلف وأهل الحديث: "فإذا اجتمع في قلب المستمع لهذه الأخبار العلم بطريقتها، ومعرفة حال رواتها، وفهم معناه، حصل له (العلم الضروري) الذي لا يمكنه دفعه، ولهذا كان أئمة الحديث الذين لهم لسان صدق في الأمة قاطعين بمضمون هذه الأحاديث شاهدين بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم جازمين بأن من كذّب بها، أو أنكر مضمونها فهو كافر مع علم من له اطلاع على سيرتهم وأحوالهم بأنهم من أعظم الناس صدقاً وأمانة وديانة، وأوفرهم عقولاً وأرشدهم تحفظاً وتحرياً للصدق، ومجانبة للكذب، وأن أحداً منهم لا يحابي في ذلك أباه ولا ابنه، ولا شيخه ولا صديقه، وأنهم حرروا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريراً لم يبلغه أحد سواهم، لا من الناقلين عن الأنبياء، ولا من غير الأنبياء، وهم شاهدوا شيوخهم على هذه الحال وأعظم، وأولئك شاهدوا من فوقهم كذلك وأبلغ حتى انتهى الأمر إلى من أثنى الله عليهم أحسن الثناء، وأخبر برضاه عنهم، واختياره لهم واتخاذه إياهم شهداء على الأمم يوم القيامة ... إلى أن قال رحمه الله: وقول هؤلاء الكادحين في أخباره وسنته يجوز أن يكون رواة هذه الأخبار كاذبين أو غالطين، بمنزلة قول أعدائه يجوز أن يكون الذي جاءه به شيطان كاذب، وكل أحد يعلم أن أهل الحديث أصدق الطوائف كما قال عبد الله بن المبارك: (وجدت الدين لأهل الحديث) ، والكلام للمعتزلة، والكذب للرافضة، والحيل لأهل الرأي، وسوء الرأي والتبديد لآل بني فلان".وإذا كان أهل الحديث عالمين بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذه الأخبار وحدّث بها في الأماكن والأوقات المتعددة، وعلمهم بذلك ضروري، لم يكن
__________
1 مختصر الصواعق المرسلة ص: 474.

الصفحة 44