كتاب الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه

مبحث الرابع: إبطال شبه الزاعمين الاكتفاء بالقرآن
بعد أن استعرضنا الأدلة النقلية والعقلية لإثبات حجية القرآن والسنة في باب العقيدة، بل أثبتنا أنه لا فرق بين الأحاديث المتواترة وبين أخبار الآحاد في هذا الباب.
نرى أن نتبع ذلك بمناقشة موقف أولئك الذي ضل سعيهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وهم الذين زعموا وجوب الاكتفاء بالقرآن دون السنة، أو جواز ذلك في باب الأسماء والصفات خاصة وفي إثبات جميع الأحكام عامة، فنقول وبالله التوفيق:
إبطال شبه الزاعمين الاكتفاء بالقرآن دون السنة:
على الرغم من إجماع الأمة الإسلامية على أن السنة صنو القرآن، وأنها هي الحكمة المذكورة في القرآن في عديد من الآيات، وعلى الرغم مما هو معروف من أن الدين الإسلامي مستمد من الكتاب والسنة معاً عقيدة وأحكاماً، على الرغم من كل ذلك لم تسلم السنة من أقلام بعض المتهورين المتطرفين، ولفرط جهلهم أطلقوا على أنفسهم (القرآنيون) أي العاملون بالقرآن -في زعمهم- المكتفون به، المستغنون عن السنة، هذا تفسير كلمة (القرآنيون) بناء على زعمهم، ولكن التفسير المطابق لواقعهم إذا نظرنا إلى تصرفاتهم أنهم المخالفون للقرآن، اتباعاً للهوى، وتقليداً لبعض الزنادقة1، التقليد الأعمى، لأنهم في واقعهم قد خرجوا على القرآن
__________
1 الزنديق: من يبطن الكفر ويظهر الإيمان، القاموس المحيط.، وبهذا المعنى الزنديق والمنافق لفظان مترادفان.

الصفحة 47