كتاب الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه

ومن التزم بهذه الأسس الثلاثة لا يكاد يتورط فيما تورط فيه المعطلون لصفات الله بدعوى التنزيه، ولا يقع في التشبيه بالمبالغة في الإثبات بل هو دائماً على الحق الذي هو وسط بين الطرفين. وهو الذي عليه أئمة المسلمين بل كل إمام من الأئمة المشهود لهم بالإمامة يدعو إلى هذا المنهج فإليك نموذجاً من كلام بعضهم وهو شرح لما كان عليه الأمر عند الرعيل الأول:
أ- قال الإمام الأوزاعي: كنا - والتابعون متوافرون- نقول: إن الله تعالى ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من الصفات. نقل هذا التصريح عن الإمام الأوزاعي الإمام البيهقي في كتابه "الأسماء والصفات"1، وهو تصريح يدل على إجماع التابعين المبني على إجماع الصحابة المستند إلى صريح الكتاب وصحيح السنة في صفة الاستواء وغيرها من الصفات الواردة في الكتاب والسنة.
والإمام الأوزاعي -كما يصفه شيخ الإسلام ابن تيمية- أحد الأئمة الأربعة الذين كانوا في عصر تابع التابعين وهم:
1- مالك بن أنس بالحجاز المتوفى سنة 179هـ.
2- الأوزاعي بالشام المتوفى سنة 157هـ.
3- الليث بن سعد بمصر المتوفى سنة 175هـ.
4- الثوري بالعراق المتوفى سنة 161هـ.
وذكر الأوزاعي هذا الإجماع عندما ظهر جهم بن صفوان منكراً كون الله تعالى فوق عرشه، بل نافياً جميع صفات الله تعالى ذكره ليعرف الناس أن ما نادى به جهم مخالف لما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة
__________
1 الأسماء والصفات ص: 408.
وصحح ابن تيمية إسناده في الفتوى الحموية الكبرى، وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء 8/355، وفي العلو كما في مختصره للألباني ص: 138.

الصفحة 66