كتاب الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه

والتابعين، ومصطدم من منهجهم لئلا ينطلي على عامة الناس دعواه بأن ما انتهى إليه مؤيد بالبراهين العقلية التي هي في واقعها وهميات وخيالات لا حقيقة لها.
ب- سئل الإمام محمد بن شهاب الزهري "المتوفى سنة 125" والإمام مكحول "توفي وله بضع عشرة سنة بعد المائة" سئلا عن تفسير أحاديث الصفات؟ فقالا: أمروها كما جاءت.
وروي مثل هذا الجواب عن الإمام مالك، والليث، والثوري، فقالوا جميعاً في أحاديث الصفات: أمروها كما جاءت بلا كيف.
والزهري ومكحول -كما يصفهما الإمام ابن تيمية- من أعلم التابعين، ووصف الأربعة الذين تقدم ذكرهم، وهم مالك وزملاؤه أنهم أئمة الدنيا في عصر تابع التابعين. وفي الوقت الذي يحثون على المنهج السلفي، فإنهم يحذرون الناس عن منهج أهل الكلام. فهذا الإمام الشافعي يقول في ذم أهل الكلام والتنفير عنه: "حكمي في أهل الكلام أن يُطاف بهم في القبائل والعشائر ويضربوا بالجريد، ويُقال: هذا جزاء من ترك كتاب الله واتبع علم الكلام"1اهـ.
أما الإمام مالك2 فما أروع ما قاله! في هذا الصدد، إذ يقول رحمه الله: "أوكلما جاءنا رجل أجدل من رجل، تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد عليه الصلاة والسلام لجدل هؤلاء؟! "3.
وبعد: فلو أن مسألة من المسائل الفقهية الفرعية نالت مثل هذا
__________
1 انظر قوله في مناقب الشافعي للبيهقي 1/462.
2 تقدم قوله.
3 ابن تيمية، مجموع الفتاوى 5/29-31 بالمعنى.

الصفحة 67