كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 3)

وذهب الحافظ ابن حجر إلى تقوية هذه الرواية بالشواهد، فقال عقب كلام الدارقطني: ((وهذا تحقيق بالغ؛ إلَّا أنَّ هذه الطريق المرسلة مع صحة إسنادها إذا ضُمت إلى أحاديث الباب أخذت قوة)) (التلخيص ١/ ٥٩)، ثم استشهد لمرسل طاوس بمرسل آخر من حديث عبد الله بن معقل وبآخرين موصولين من حديث ابن مسعود وواثلة.
قلنا: سيأتي الكلام على هذه الشواهد وبيان أنها لا تصلح لتقوية مرسل طاوس هذا؛ بل ولا يصلح مرسل طاوس لأَنْ يتقوى بها، على أنَّ للحافظ ابن حجر كلام آخر في (الفتح) أفضل تحريرًا من كلامه الأول فقال فيه: ((واحتجوا فيه بحديث جاء من ثلاث طرق: أحدها موصول عن ابن مسعود، أخرجه الطحاوي لكن إسناده ضعيف قاله أحمد وغيره، والآخران مرسَلان؛ أخرج أحدهما أبو داود من طريق عبد الله بن معقل بن مقرن، والآخر من طريق (¬١) سعيد بن منصور من طريق طاوس، ورواتهما ثقات، وهو يلزم من يحتجُّ بالمرسل مطلقًا، وكذا من يحتجُّ به إذا اعتضد مطلقًا، والشافعي إنما يعتضد عنده إذا كان من رواية كبار التابعين، وكان من أرسل إذا سَمَّى لا يُسَمِّي إلَّا ثقة، وذلك مفقود في المرسلين المذكورين على ما هو ظاهر من سَنَدَيهما، والله أعلم)) (الفتح ١/ ٣٢٥).
ولم يتعرض الحافظ هنا لشاهد واثلة الذي ذكره في (التلخيص)، إذ ليس فيه موضع الشاهد كما سيأتي، وهذا التحقيق من الحافظ تحقيق بديع، وما نسبه للشافعي بشأن الاحتجاج بالمرسل هو الصحيح المعول عليه، ورحم الله الشافعي إذ يقول: ((ومن نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة استوحش مِن
---------------
(¬١) كذا ولعل الصواب: والآخر أخرجه.

الصفحة 12