كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 3)

مرسَل كلّ مَن دون كبار التابعين بدلائل ظاهرة فيها)) (الرسالة ١/ ٤٦٥).
فرحم الله هذا الإمام فإن عدم مجيء الأمر بالحفر في روايات الثقات المتصلة عن الصحابة الذين رووا القصة - كما في الصحيحين والسنن - ليلقي في القلب هذا الاستيحاش من هذه الرواية التي لم تأتِ من طريق صحيح متصل، بل هي مخالفة لروايات الاكتفاء بصب الماء على مكان البول، والله أعلم.
هذا .. وقد ذكر الألباني رحمه الله في (صحيح أبي داود ٢/ ٢٣٢) أنَّ عبد الجبار قد تابعه سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عند الترمذي (١٤٩) قال: ((لكنه لم يسق لفظه)).
قلنا: ولكنه قال: ((نحو هذا)) أي نحو رواية ابن المُسَيّب عن أبي هريرة السابقة عليها، وهي موافقة لرواية الجماعة في عدم ذكر الحفر، والاكتفاء بصبِّ الماء على مكان البول، فهي متابعة على إسناده دون متنه، تابعه في الإسناد، وخالفه في متنه؛ كما خالفه أحمد والشافعي، وهذا موضع علته؛ فتنبَّه.
ولذلك قال الخطابي: ((وليس في خبر أبي هريرة ولا في خبر متصل ذكر لحفر المكان ولا لنقل التراب)) (معالم السنن ١/ ١١٧).
وقال الماوردي: ((فأما استدلاله - يعني: أبا حنيفة - بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكشط المكان فحديث ضعيف)) (الحاوي الكبير ٢/ ٢٥٨).

الصفحة 13