كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 3)

وهذا من أبي يعلى إِنْ حملناه على ظاهره وأنه يقصد المثلية في فقرتي الحديث - أعني: قصة بول الأعرابي، و ((المرء مع من أحب)) -؛ فيكون هذا من مناكير أبي هشام الرفاعي بلا شك، وقد علمت حاله، وسبق قول الذهبي: ((أنه ذو مناكير))، والذي يؤكد ذلك هنا أن حديث أنس هذا أخرجه البخاري (٦١٧١) من طريق عمرو بن مُرَّة، وأخرجه مسلم (٢٦٣٩) من طريق منصور؛ كلاهما، عن سالم بن أبي الجعد، عن أنس مرفوعًا: ((الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ)) فقط، وليس فيه قصة بول الأعرابي.
وكذا رواه أحمد (١٣١٥٧): عن أسود بن عامر، عن أبي بكر بن عياش، عن منصور، به.
والأسود بن عامر: ((ثقة من رجال الشيخين)) كما في (التقريب ٥٠٣).
وهذا مما يجعلنا - إِنْ أردنا تبرئة أبي هشام منه - نحمل كلام أبي يعلى على أن المثلية المرادة إنما هي في خصوص هذه الفقرة فقط، والله أعلم. وقد سبق حديث أنس في قصة بول الأعرابي وليس لسالم فيه ناقة ولا جمل.
وبعد، فبقي أن نشير إلى أن هذا الحديث هو أحد شواهد ابن حجر في تقوية رواية الأمر بالحفر مكان البول لتطهيره، وقد ظهر لك حاله، ولهذا لم نعتبر به كما تقدمت الإشارة إليه.

الصفحة 39