كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 3)

الاحتجاج بالمرسل، هو قول عامة المحدثين، بل وقول جمهور الفقهاء والأصوليين أيضًا، خلافًا للحنفية.
قال الإمام مسلم: ((والمرسل من الروايات في أصل قولنا، وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة)) (مقدمة صحيحه صـ ٣٠).
وقال الإمام الترمذي: ((والحديث إذا كان مرسلًا، فإنه لا يصحُّ عند أكثر أهل الحديث، قد ضعَّفه غير واحد منهم ... ومن ضعف المرسل؛ فإنه ضعف من قِبَلِ أن هؤلاء الأئمة حَدَّثُوا عن الثقات وغير الثقات فإذا روى أحدُهم حديثًا وأرسلَه لعله أخذه عن غير ثقة)) (العلل الصغير ٥/ ٧٥٣ - ٧٥٥).
وقال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان: ((لا يحتجُّ بالمراسيل ولا تقوم الحجة إلَّا بالأسانيد الصحاح المتصلة)) (المراسيل لابن أبي حاتم ١٥).
ولو سردنا الثابت عن أئمة الحديث في عدم الاحتجاج بالمرسل لطال بنا المقام جدًّا، وراجع إِنْ شئتَ بعض أقوالهم في (المراسيل لابن أبي حاتم ١ - ١٥): ((باب ما ذكر في الأسانيد المرسلة أنها لا تثبت بها الحجة)).
وقال النووي: ((المرسلُ لا يحتجُّ به عندَ جمهور المحدثين وجماعةٍ من الفقهاء وجماهيرِ أصحاب الأصول والنظر)) (المجموع ١/ ٦٠).
قلنا: أما مَن احتجَّ به من أهل العلم؛ فحين يتقوَّى بغيره بالشروط التي ذكرها إمام الفقهاء والمحدثين الإمام الشافعي في (الرسالة ص ٤٦١ - ٤٦٥). وقال بإثرها: ((ومتى ما خالف ما وصفت أضرَّ بحديثه، حتى لا يسع أحدًا منهم قبول مرسله)). بل قال: ((وإذا وجدت الدلائل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسله، ولا نستطيع أن نزعم أن الحجة تثبت به ثبوتها

الصفحة 46