كتاب الحواشي على درة الغواص لابن بري وابن ظفر
(140) حول المقولة السابعة بعد المائتين: الفرق بين مخوف ومخيف.
وقوله: وكذلك لا نفرق بين مخوف ومخيف والفرق بينها ... الخ .. كقولك: الأسد مخوف والطريق مخوف.
قال "أبو محمد": إذا قلت خاف زيد الطريق، فزيد الخائف والطريق مخوف، وإذا قلت: أخاف زيدا الطريق فزيدا المخوف والطريق المخيف، ولا بد من تقدير مفعول محذوف تقديره أخاف الطريق زيدا الهلاك والعطب، لأن الهمزة زادته مفعولا، وزيدا - وإن كان مفعولا - فهو في معنى فاعل، كما تقول: أضربت زيدا عمرا، فزيد مفعول، وهو في المعنى فاعل بالمفعول الثاني، أي جعلت زيدا يضرب عمرا، فهو الضارب لعمرو، وكذلك جعل زيد الطريق يخاف الهلاك، فزيد هو الخائف على هذا، فبان بهذا أنك إذا قلت: طريق مخيف فليس الطريق هو المخوف المحذور، وإنما هو المخوف المحذور غيره وهو الهلاك، وإذا قلت: طريق مخوف فالطريق هو المحذور لا المحذر، إلا أن الطريق وإن كان هو المخوف في اللفظ فليس هو المخوف في المعنى، وإنما المخوف ما يتوقع فيه من هلاك وعطب، فقد آل معناهما إلى شيء واحد. ألا ترى أنك إذا قلت: خفت الطريق فالطريق وإن كان مخوفا فليس هو الذي أوجب أن يخافه فهو إذا مخيف لك، وليس يحصل الخوف من الطريق إنما يحصل الخوف مما يتوقع منه.
قوله: وإذا قلت: "مخيف" كان إخبارا عما يتولد الخوف منه.
قال "محمد": أنشد "أبو محمد" رحمه الله في مقاماته:
(ما فيه إلا مخيف إن تمكن أو مخوف)
بناء على هذا الأصل. والمخيف إذا ولد الخوف كما ذكر فقد خيف، فهو مخوف، ولا فرق من هذا الوجه.
الصفحة 831
968