كتاب الملاحن

راجع مجلة المورد العراقية، وتبرز أهمية هذه القصيدة. كما يقول المحقق. إلى أنها جمعت الكلمات المقصورة والممدودة المتشابهة والتي قد تكون بمعنى واحد أو بمعنى مختلف. كما تبين عن مقدرة ابن دريد اللغوية والشعرية.
ولابن دريد مؤلفات أخرى تبنى عن علمه وفضله وأدبه مثل كتاب غريب القرآن، وكتاب المجتني، وكتاب الوشاح.
وقد تلقى على يديه العديد من التلاميذ الذين أصبحوا أعلام عصرهم ونبهاء وقتهم فمن هؤلاء الذين استفادوا بعلمه السيرافي والمرزباني وأبو الفرج الأصبهاني .. وناهيك بهؤلاء الأعلام الذين قدموا للعربية أيادي بيضاء لا تنكر، وأبانوا بما ألفواه عن أستاذهم وفضله، ويعدون امتداداً لفضله وأثره.
ومن غرر شعره قوله في الغزل:
(غراء لو جلت الخدود شعاعها ... للشمس عند طلوعها لم تشرق)
(غصن على غصن تأود فوقه ... قمر تألق تحت ليل مطبق)
(لو قيل للحسن احتكم من بعدها ... أو قيل خاطب غيرها لم ينطق)
(وكأنها من فرعها في مغرب ... وكأننا من وجهها من مشرق)
(تبدو فيهتف للعيون ضياؤها ... والويل حل بمقلة لم تطبق)
وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت:
(فوا حزني إلا حياة لذيذةً ... ولا عمل يرضى به الله صالح)
وقيل إنه كان آخر كلامه قبل أن يقبض.
وعسى الله أن يرحمه بسبب ذلك ويتجاوز عما كان النقاد يتحدثون به عنه من أنه كان ميالاً للشراب مفرطاً فيه.
ولابن دريد إلى جانب براعته العلمية والأدبية ملكة في النقد، تدل عليها القصة الآتية التي وردت في غير مصدر بروايات مختلفة.
قال المرزباني: قال لي ابن دريد: سهرت ليلة، فلما كان آخر الليل رأيت رجلاً دخل علي في المنام، فأخذ بغضادتي الباب، وقال: أنشدني أحسن ما قلت في الخمر. فقلت: ما ترك أبو نواس لأحد شيئاً.

الصفحة 917