كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة
المرء على المال والشرف لدينه" قال الترمذي حديث حسن صحيح ولأنه يخاف على صاحبها انتفاخه بذلك واختياله وأن يفتن باشتهاره ولذلك صلى حذيفة بن اليمان مرة إماما ثم قال: "لتصلن وحدانا أو لتلتمسن لكم إماما غيري فإني لما أممتكم خيل إلي أنه ليس فيكم مثلي" وقيل لمحمد بن سيرين في بعض المرات إلا تؤم أصحابك فقال: "كرهت أن يتفرقوا فيقولوا أمنا محمد بن سيرين" ولأن الإمام يتحمل صلاة المأمومين الذي دل عليه حديث الضمان والآذان سليم من هذه المخاوف كلها بل ربما زهد الشيطان فيه وثبط عنه حتى يفوض إلى أطراف الناس ولذلك قال عمر رضي الله عنه لبعض العرب من يؤذن لكم قالوا عبيدنا قال ذلك شر لكم وأما إمامته صلى الله عليه وسلم وإمامة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم فمثل الإمارة والقضاء وذلك أن الولايات وأن كانت خطرة لكن إذا أقيم أمر الله فيها لم يعدلها شيء من الأعمال وإنما يهاب الدخول فيها أولا خشية أن لا يقام أمر الله فيها لكثرة نوائبها وخشية أن يفتن القلب بالولاية لما فيها من الشرف والعز ويكره طلبها لأنه من حب الشرف وإرادة العلو في الأرض يكون في الغالب ولأنه تعرض للمحنة والبلوى فإذا ابتلي المرء بها صار القيام بها فرضا عليه وكذلك إذا تعينت عليه فإمامته وإمامة الخلفاء الراشدين كانت متعينة عليهم فإنها
الصفحة 139
632