كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة

المفعولة في أول النهار فحقيقة الابتداء موجود فيها.
ولان النبي صلى الله عليه وسلم لما بين المواقيت في المدينة بفعله في حديث أبي موسى وبريدة وجابر ووصيته لمعاذ بدأ بالفجر وهذا متأخر عن حديث جبريل وناسخ له إذ كان بمكة وفي هذا جواب عن الاحتجاج بقصة جبريل ولان بيان جبريل للمواقيت كان صبيحة ليلة الإسراء وهو صلى الله عليه وسلم لم يخبر الناس بها حتى أصبح وفات الفجر فلعله أخر البيان إلى وقت الظهر ليعلم المسلمون ويأتموا برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يأتم هو بجبريل ولأن أكثر آيات القرآن بدأت بالفجر مثل قوله: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} وقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} وقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}.
وإنما بدأ بالظهر تارة كما بدا في المغرب في قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} الآية فتارة يبدأ أول النهار وتارة بأوسطه وتارة بأول الليل ولان النائم إذا استيقظ بأول النهار كان بمنزلة الخلق الجديد فإن الانتباه حياة بعد الموت ونشور بعد السكون فما فعله حينئذ كان أول أعماله وبهذا يتبين أن

الصفحة 148