كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة
فإنه قيل فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قرأت {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةَ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} وقالت سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة وهذا يقتضي أن يكون غيرها لأن المعطوف غير المعطوف عليه.
قلنا العطف قد يكون للتغاير في الذوات وقد يكون للتغاير في الأسماء والصفات كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} وهو سبحانه واحد وإنما تعددت أسماؤه وصفاته فيكون العطف في هذه القراءة لوصفها بشيئين بأنها وسطى وبأنها هي العصر وهذا أجود من قول طائفة من أصحابنا أن الواو تكون زائدة فإن ذلك لا أصل له في اللغة عند أهل البصرة وغيرهم من النحاة وإنما جوزه بعض أهل الكوفة وما احتج به لا حجة فيه على شيء من ذلك.
فإن قيل فقد قال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} والقنوت إنما هو في الفجر.
قلنا القنوت هو دوام الطاعة والثبات عليه وذلك واجب في جميع الصلوات كما قال تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي}.
الصفحة 157
632