كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة

وأما الكافر المرتد فالمشهور أنه يلزمه قضاء ما تركه قبل الردة من صلاة وزكاة وصوم ولا يلزمه قضاء ما تركه في زمن الردة وهذا هو المنصوص عنه في مواضع مفرقا بين ما تركه قبل الردة وبعدها.
وحكي ابن شاقلا رواية أنه لا يلزمه شيء من ذلك بناء على أن الردة تحبط العمل لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} وقوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالآيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} وقوله: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} ولأن الكفر الطارئ يهدم ما كان قبله من الصالحات كما أن الإيمان الطارئ يهدم ما كان قبله من السيئات والقضاء إنما يراد به جبر ما حصل به من الخلل في العمل فإذا حبط الجميع فلا معنى لجبره مع ظاهر قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أن يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}.

الصفحة 37