كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة
وعنه رواية أخرى أنه يلزمه قضاء الجميع أما قبل الردة فلوجوبه عليه وأما ما بعد الردة فلأنه التزم حكم الإسلام فلا يقبل منه الرجوع عنه كالمسلم إذا تركها عامدا ولهذا يضمن ما أتلفه في حال الردة من دية أو مال على المنصوص ولهذا لا يقر على دينه بغير جزية ولا فرق.
فإذا لم يقر على الاعتقاد لم يقر على موجبه وهو الترك فيكون مطالبا بالفعل في الدنيا ولأن الدليل يقتضي وجوبها على كل حال وإنما عفي للكافر الأصلي عن القضاء لأن مدة الترك تطول غالبا وقد كان على دين يعتقد صحته ولم يعتقد بطلانه وهو مع ذلك مقر عليه يجوز أن يهادن ويؤمن وأن يسترق ويعقد له الجزية أن كان من أهل ذلك بخلاف المرتد.
ووجه المشهور أن ما تركه قبل الردة قد وجب في ذمته واستقر فلا يسقط بعد ذلك بفعله لو كان مباحا فكيف يسقط بالمحرم ولأنه ترك صلاة يخاطب بفعلها ابتداء فخوطب بقضائها كالنائم والناسي وأولى ولأن تخلل المسقط بين زمن الوجوب والقضاء لا يسقط الواجب كما لو ترك الصلاة ثم حصل جنون أو حيض ثم حصل العقل والطهارة فإنه يجب القضاء.
وأما حبوط عمله بالردة فقد منع ذلك بعض أصحابنا وقالوا الآيات فيمن مات على الردة بدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} والإطلاق في الآيات البواقي لا يمنع ذلك لأن كل عقوبة مرتبة على كفر فإنها مشروطة
الصفحة 38
632