كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة

بالموت عليه.
فإن قيل التقييد في هذه الآية بالموت على الكفر إنما كان لأنه مرتب علي شيئين وهو حبوط العمل والخلود في النار.
والخلود إنما يستحقه الكافر وتلك الآيات إنما ذكر فيها الحبوط فقط فعلم أن مجرد الردة كافية.
قلنا قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالآيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} لا يكون إلا لمن مات مرتدا لأن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة وهذا ليس لمن مات على عمل صالح لأنه إذا عاد إلى الإسلام فقد غفر له الارتداد الماضي لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وإذا زال الذنب زالت عقوباته وموجباته وحبوط العمل من موجباته يبين هذا أنه لو كان فعل في حال الردة ما تقتضيه الردة من شتم أو سب أو شرك لم يقم عليه إذا اسلم ولأن الكافر الحربي لو تقرب إلى الله بأشياء ثم ختم له بالإسلام لكانت محسوبة له بدليل ما روى حكيم ابن حزام قال: "قلت: يا رسول الله أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلاة وعتاقة وصلة هل فيها من اجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلمت على ما سلف لك من خير" متفق عليه فإذا كان الكفر المقارن

الصفحة 39