كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة

ابن عباس وكذلك لو بلغ بالسن أو الإنبات ولم يحتلم لم يجب عليه ولو حج بعد البلوغ بالسن ثم احتلم لزمه إعادة الحج في رواية منصوصة على ظاهر الحديث الوارد فيه ولأن السن والإنبات ليس هو حقيقة الإدراك لأن الله إنما علق الأحكام ببلوغ الحلم بقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} وقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} وقوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم" لكن لما كان بلوغ الحلم خفيا عن غير المحتلم وكان ذلك غالبا يكون مع بلوغ خمسة عشر وإنبات شعر العانة جعل مظنته علامة قائمة مقامه في الأحكام التي تتعلق بغير هذا البالغ من الحدود والقصاص والجهاد والحجر وغير ذلك إذ كانوا لا يطلقون على الحقيقة غالبا فأما ما بينه وبين الله فإنه يعلم وقت احتلامه ولأن هذه الأمور تتكرر قبل الاحتلام وبعده فجاز أن يجعل ما يقارب الاحتلام في حكمه احتياطا وعموما بخلاف الحج فإنه لا يتكرر ولأنه احرم لحجه قبل الاحتلام لكان قد فعل الحج قبل كمال قواه وبلوغ أشده ولذلك يعيده إذا بلغ.
والرواية الأخرى اختيار أكثر أصحابنا حتى جعلها القاضي رواية واحدة وكذلك ابن بطة تأول الرواية الأولى لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: "رفع

الصفحة 47