كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصلاة
سبيلهم كما في آية الجزية فإنه مد قتالهم إلى حين الإعطاء فإذا التزموا الإعطاء فهو أول الأسباب بمنزلة الشروع في الفعل فإن حققوا ذلك وإلا قتلناهم ولأنه لو كان المراد مجرد الالتزام وأن عري عن الفعل لم يكن بين الصلاة والزكاة وغيرهما فرق إذ من لم يلتزم جميع الإسلام فإنه يقاتل وأيضا فإن الالتزام قد لا يحصل لقوله: {فَإِنْ تَابُوا} فإن التائب من الكفر لا يكون تائبا حتى يقر بجميع ما جاء به الرسول ويلتزمه ولأن الالتزام أن أريد به اعتقاد الوجوب والإقرار به فليس في اللفظ ما يدل على أنه المراد وحده وأن أريد به الفعل والوعد به فهذا لا يجب إلا إذا وجب قتلهم بالترك وإلا فلو كان قتلهم بالترك غير واجب وقالوا نحن نعتقد الوجوب ولا نفعل لحرم قتلهم وهذا خلاف الآية وأيضا مما هو دليل في المسألة وتفسير للآية ما أخرجاه في الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" وليس في لفظ مسلم إلا بحق الإسلام وعن أنس بن مالك قال: "لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب فقال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل العرب فقال أبو بكر إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" رواه النسائي فهذا يدل على أن
الصفحة 61
632