كتاب إشكال وجوابه في حديث أم حرام بنت ملحان

أجنبيةٍ-عدا ما وَرَدَ في حق أُمّ سُلَيْم، وأُمّ حَرَام، وسيأتي الكلام على ما وَرَدَ في شأنهما-.
والأحاديثُ التي ذَكَرَ بعضُ العلماء أنّ فيها خلوةً، أو استدل بها عَلَى أنّ مِنْ خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم - الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها ليست صريحة، ولعلي أذكرها وأذكر الجواب عنها فأولها:
1- حَدِيثُ خَالِد بْنِ ذَكْوَانَ (¬1)
عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: لا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ (¬2) .
قَالَ ابن حَجَر: ((قَوْله (كَمَجْلِسِك) - بِكَسْرِ اللام - أَيْ مَكَانك , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: هُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ وَرَاء حِجَاب , أَوْ كَانَ قَبْل نُزُول آيَة الْحِجَاب , أَوْ جَازَ النَّظَر لِلْحَاجَةِ أَوْ عِنْد الْأَمْن مِنْ الْفِتْنَة اهـ. وَالْأَخِير هُوَ الْمُعْتَمَد , وَالَّذِي وَضَحَ لَنَا بِالأَدِلَّةِ الْقَوِيَّة أَنَّ مِنْ خَصَائِص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَاز الْخَلْوَة بِالأَجْنَبِيَّةِ وَالنَّظَر إِلَيْهَا , وَهُوَ الْجَوَاب الصَّحِيح عَنْ قِصَّة أُمّ حَرَام بِنْت مِلْحَان فِي دُخُوله عَلَيْهَا وَنَوْمه عِنْدهَا وَتَفْلِيَتهَا رَأْسه وَلَمْ يَكُنْ بَيْنهمَا مَحْرَمِيّة وَلا زَوْجِيَّة)) (¬3) .
¬__________
(¬1) خالد بن ذكوان أبو الحسين المديني، مولده بالمدينة وسكن البصرة وعمر إلى أن مات بها، وهو ثقة، وثقه ابنُ معين وغيره.

انظر: التاريخ الكبير (3/147رقم504) ، الجرح والتعديل (3/329رقم1475) ، مشاهير علماء الأمصار (ص98) ، الكامل في ضعفاء الرجال (3/7) ، تهذيب الكمال (8/60) ، الكاشف (1/364رقم1317) ، تقريب التهذيب (ص187رقم1629) .
(¬2) أخرجه: البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرا (4/1469رقم3779) ،كتاب النكاح، باب ضرب الدف في النكاح والوليمة (5/1976رقم4852) .
(¬3) فتح الباري (9/203) .

الصفحة 45