كتاب إشكال وجوابه في حديث أم حرام بنت ملحان

قلتُ: ليسَ في الحَدِيثِ دلالة على الخلوة أو النظر أو المس، فربما يوضع إناء خاص للوضوء في مكان عام فتتوضأ منه المرأة والرجل من دون خلوة أو مسيس، وهذا بين لمن عرف طبيعة حياتهم، وحال عيشهم في ذلك الزمان، وتأمل المقدمة الثالثة من المقدمات العامة المذكورة سابقاً.
قَالَ مُغْلطاي: ((وأعترض بعضهم على صحة هذا الحَدِيث بكونه عليه السلام لم يمس امرأة لا تحل له، قَالَ: وخولة هذه لم يأت في خبر صحيح ولا غيره أنها كانت بهذه الصفة. وفي الذي قاله نظرٌ؛ وذلك من قولها "تختلف" لأنّ الاختلاف لا يوجب مساً، الثاني: لا يرفع صحة الحَدِيث لتخيل معارضة إذا عُدلتْ رواته، وسَلِمَ من شائبة الانقطاع)) (¬1) .
وَقَالَ ابن حَجَر: ((ومعنى تختلف أنه كان يغترف تارة قبلها، وتغترف هي تارة قبله)) (¬2) .
على أنّ هناك جوابا آخر ذكره ابنُ حَجَر عند كلامه على حَدِيث ابن عمر قَالَ: كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَان رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - جميعا (¬3) قَالَ: ((قَوْله: (جَمِيعًا) ظَاهِره أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الْمَاء فِي حَالَة وَاحِدَة , وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ قَوْم أَنَّ مَعْنَاهُ
¬__________
(¬1) شرح سنن ابن ماجه (1/217) لمغلطاي تحقيق: كامل عويضة، الناشر: مكتبة نزار الباز.
وهذا الكتاب "شرح سنن ابن ماجه" من أنفس كتب شروح الأحاديث -التي أطلعتُ عليها- غير أنَّ هذه الطبعة من أسوأ الطبعات التي مرّتْ علىّ!، فلا تكاد تخلو صفحة من تصحيف، وتحريف، وسقط، مما جعل الاستفادة من الكتاب قليلة أو متعذرة، وزاد الطين بلة عدم وجود الفهارس التي هي مفاتيح الكتب، وعندي أنّ هذا الكتاب بهذه الصورة في حكم العدم فلا بدَّ من إعادة تحقيقه تحقيقاً علمياً، والله المستعان.
(¬2) فتح الباري (1/373) .
(¬3) أخرجه: البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء، باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة (1/82رقم190) وغيره.

الصفحة 49