كتاب إشكال وجوابه في حديث أم حرام بنت ملحان

* المناقشة:
قَالَ ابن الملقن-متعقبا النَّوَوِيّ-: ((وما ذكره من الاتفاق على أنها كانت محرماً له فيه نظر، ومن أحاط علماً بنسب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ونسب أُمّ حَرَام علم أن لا محرمية بينهما، وقد بين ذلك الحافظ شرفُ الدين الدِّمْيَاطِيّ في جزء مفرد)) (¬1) .
قلت: القول بالمحرمية بالنسب فيه نظر، لأنّ خفاء قرابة النسب يبعد بخلاف الرَّضَاعَ فإنّ الرَّضَاعَة من الأجنبية كانت منتشرة في ذلك الوقت، وربما خفي أمرها على أقرب الناس لذا ذهبَ جمعٌ من العلماء إلى أنَّ شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع إذا كانت مرضية وإليه ذهب ابنُ عباس وطاوس والزهريّ والأوزاعيّ وغيرُهُم (¬2) .
قال المرداويُّ: ((مَا لا يطلعُ عليه الرجالُ كعيوبِ النساءِ تحتَ الثياب، والرضاع، والاستهلال، والبكارة والثيوبة، والحيض، ونحوه فيقبل فيه شهادة امرأةٍ واحدةٍ، وهذا المذهبُ مطلقاً بلا ريب)) (¬3) .
ومما وَرَدَ في خفاء الرضاع من الحَدِيث:
- عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدِي رَجُلٌ قَاعِدٌ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ: فَقَالَ: ((انْظُرْنَ إِخْوَتَكُنَّ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ
¬__________
(¬1) "خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - " لابن الملقن (ص137) .
(¬2) المغني (8/152) .
وانظر: مصنف عبد الرزاق (7/481) ، سنن سعيد بن منصور (1/282) ، مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (3/348) ، المبسوط للسرخسي (30/302) ، الطرق الحكمية لابن القيم (ص115) .
(¬3) الإنصاف (12/85) .

الصفحة 63