كتاب إشكال وجوابه في حديث أم حرام بنت ملحان

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَزَّرَتْنِي بِنِصْفِ خِمَارِهَا وَرَدَّتْنِي بِنِصْفِهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أُنَيْسٌ ابْنِي أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ فَادْعُ اللَّهَ لَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ الْيَوْمَ (¬1) .
- وعن ثَابِت البناني قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ وَلا لِمَ صَنَعْتَ وَلا أَلا صَنَعْتَ)) (¬2) .
وتقدم قول الدِّمْيَاطِيّ: ((والعادةُ تقتضي المخالطة بين الْمَخْدُوم وَأَهْل خَادِم، سيّما إذا كنَّ مسنَّات)) .
فإذا تأمل الباحث المُنصف هذه الأحاديث رأى أنّ تعامل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مع أُمّ سُلَيْم وأختها أُمّ حَرَام تعامل المحارم بعضهم مع بعض، فإذا انضم إلى ذلك:
* عدم وجود نص واحد-قولي أو فعلي- يدل على خصوصية النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بالخلوة أو النظر أو المس كما تقدم.
* امتناع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن مصافحة النساء في البيعة والاكتفاء بالكلام كما تقدم، قَالَ الشنقيطيُّ: ((ووكونه - صلى الله عليه وسلم - لا يصافح النساء وقت البيعة دليلٌ واضحٌ عَلى أنَّ الرجلَ لا يصافح المرأة، ولا يمس شيء من بدنه شيئاً من بدنها، لأنَّ أخفَ أنواع اللمس المصافحة فإذا امتنع منها - صلى الله عليه وسلم - في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة دلّ ذلكَ على أنها لا تجوز، وليس لأحد مخالفته - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله
¬__________
(¬1) أخرجه: مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل (4/1929رقم 2481) .
(¬2) أخرجه: البخاري في صحيحه كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل (5/2245رقم5691) ، مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل (4/1804رقم2309) .

الصفحة 73