كتاب الاتصال والانقطاع

دلّس ثم طولب بالسماع، فوجدوهم ثقات، حتى قال ابن حبان بعد أن بين مذهبه في التوقف في عنعنة المدلس: "إلا أن يكون المدلس يعلم أنه ما دلَّس قط إلا عن ثقة، فإذا كان كذلك قبلت روايته وإن لم يبين السماع، وهذا ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة وحده، فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلَّس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد بيّن سماعه عن ثقة مثل نفسه، والحكم في قبول روايته لهذه العلة ـ وإن لم يبين السماع فيها ـ كالحكم في رواية ابن عباس إذا روى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما لم يسمع منه ... " (¬١).
وقول ابن حبان: "عن ثقة مثل نفسه" ـ أي في مطلق كونه ثقة، لا أن المقصود أن كل من أسقطهم ابن عيينة فهم في درجته، هذا هو الظاهر ـ والله أعلم ـ، فقد أسقط مرة إبراهيم بن نافع، بينه وبين ابن أبي نجيح (¬٢)، وإبراهيم هذا ثقة، لكنه لا يقارن بابن عيينة (¬٣).
وأسقط مرة وائل بن داود، وولده بكر بن وائل، بينه وبين الزهري (¬٤)،
---------------
(¬١) "صحيح ابن حبان" ١: ١٦١، وانظر: "العلل ومعرفة الرجال" ٣: ٢٥٧ فقرة (٥١٣٧)، و"تاريخ الدوري عن ابن معين" ١: ٢٩٠، و"سؤالات الحاكم للدارقطني" ص ١٧٥، و"معرفة علوم الحديث" ص ١٠٥، و"الكفاية" ص ٣٥٩، ٣٦٢، و"التمهيد" ١: ٣١.
(¬٢) "العلل ومعرفة الرجال" ٣: ٢٥٧ - ٢٥٨.
(¬٣) "تهذيب التهذيب" ١: ١٧٤.
(¬٤) "سنن الترمذي" حديث (١٠٩٥ - ١٠٩٦)، و"مسند أحمد" ٣: ١١٠، و"مسند الحميدي" حديث (١١٨٤)، و"المنتقى" حديث (٧٢٧)، و"تحفة الأشراف" ١: ٣٧٧.

الصفحة 430