كتاب الاتصال والانقطاع
لا يصلح للمتابعة، وإن لم يعرف الساقط في رواية معينة.
مثاله رواية ابن جريج، عن مجاهد، قال ابن الجنيد: "سألت يحيى بن معين قلت: ابن جريج سمع من مجاهد شيئاً؟ قال: حرفاً أو حرفين، قلت: فمن بينهما (يعني فيما يدلسه عن مجاهد)؟ قال: لا أدري" (¬١).
وبين هؤلاء وأولئك جماعة من الرواة يسقطون فيما يرسلونه أو يدلسونه الثقات وغيرهم.
وأعود إلى تأكيد ما بدأت به هذا المبحث من أن الانقطاع ليس على درجة واحدة، بل هو متفاوت جداً، فإذا عرف هذا لم يكن مستغرباً أن نجد في "الصحيح" ما صورته الانقطاع، واحتف به ما يجعله في حكم المتصل (¬٢)، وكذلك أن نجد من أحاديث المدلسين ما يحتمل أو يترجح أنه وقع فيه تدليس، لكن يتسامح فيه لأنه ليس عليه الاعتماد (¬٣).
ويستغرب جداً من باحث يأتي إلى إسناد فيه إرسال أو تدليس من يكثر منه إسقاط الضعفاء والمتروكين ثم يعضده بغيره، أو يعضد غيره به.
والأمر في مثل هذا ظاهر جداً، وذلك باستحضار ما تقدم من أن شرط الاتصال يعود في النهاية إلى شرطي العدالة والضبط، فإعطاء المنقطع حكماً لائقاً
---------------
(¬١). "سؤالات ابن الجنيد" ص ٣٦٤.
(¬٢) "صحيح البخاري" حديث (٧٢٣)، (٢٨٩٦)، (٥٠٨١)، و"صحيح مسلم" حديث (٤٣٣)، و "فتح الباري" ٢: ٢٠٩، ٦: ٨٨، ٩: ١٢٤.
(¬٣) انظر مثلاً: "صحيح البخاري" حديث (٧٢٢ - ٧٢٣)، و"صحيح مسلم" حديث (٣١١)، (٤٣٣)، (٤٣٥)، و "الجرح والتعديل" ١: ١٥٧.
الصفحة 433
504