كتاب الاتصال والانقطاع

هذه الأحاديث فصححها، يعني صرح بالتحديث فيها، أو لم يصححها، يعني أبى ذلك، أو صحح لي منها كذا، يعني صرح بالتحديث في بعضها دون بعضها الآخر، فهو لم يسمعه، ويقولون: أحاديث فلان عن فلان صحاح، يعني سمعها، أو ليست بصحاح، يعني لم يسمعها، ونحو هذه العبارات.
وفي بعض عباراتهم ما يشتبه بالتصحيح المطلق، وهو الحكم على الحديث، ولكن يفهم من السياق أو من عبارات أخرى أن ذلك خاصٌ بالسماع، ولا شك أنه بالنسبة للنفي يوافق عدم التصحيح المطلق، لأن معناه اختلال شرط من شروط الصحة، وهذا كافٍ في التضعيف، أما بالنسبة للإثبات فلا يلزم منه الصحة المطلقة، إذ يبقى النظر في باقي الإسناد، وفي بقية شروط الصحة للحديث.
وقد تقدم في هذا البحث نصوص كثيرة في التصحيح بهذا المعنى.
ومن نصوصهم في ذلك أيضاً قول شعبة: "هذه الأربعة التي يصححها الحكم، سماع من مقسم" (¬١).
وقال الآجري: "سألت أبا داود عن عمار بن أبي عمار، فقال: ثقة، روى عنه شعبة حديثاً، قال شعبة: وكان لا يصحح لي" (¬٢).
ومراد شعبة أنه لم يصرح له بالتحديث، وقد تقدم في المبحث الرابع من الفصل الثالث عن شعبة أن كل ما رواه عن شيوخه قد صرحوا فيه بالسماع، إلا
---------------
(¬١) "العلل ومعرفة الرجال" ١: ٥٣٧.
(¬٢). "سؤالات الآجري" ١: ٤٣٣، وانظر: "سنن الدارمي" حديث (٧٩٣)، و"مسائل أبي داود" ص ٤٢٨.

الصفحة 438