كتاب الاتصال والانقطاع

عليه من الإثم.
٢ - الاعتناء بالحكم على الأسانيد مفردة جرأ كثيراً من الباحثين على أحاديث حكم عليها الأئمة بالصحة، ومنها أحاديث في "الصحيحين"، يأتون إليها ويأخذون أسانيدها واحداً واحداً ويحكمون عليها، وقد يكون في بعضها ـ لو نظر إليه وحده ـ ضعف، وقد قرأت رسالة تتعلق بـ"صحيح مسلم" مزق فيها الباحث أسانيد من هذا الكتاب بما يتعجب منه.
٣ - قال المشرفون على أقسام السنة في الجامعات: نعفي الطلاب من البحث في العلل، لصعوبتها، ولعدم تمرسهم وتمكنهم منها، ونلزمهم بإصدار الأحكام على الأسانيد مفردة.
وهذا الكلام لا يصح من جهتين، أما الأولى فكما قال السخاوي: "الإذاً بالحكم على الإسناد قبل استكمال البحث في علله وفي شذوذه سيؤدي إلى أن يدخل إلى التصحيح والتضعيف من لا يحسنه " (¬١)، وهذا هو الواقع، فإن كثيراً ممن يصحح ويضعف لا يعرف أصلاً أن هناك شذوذاً وعللاً، وبعضهم إذا شرحت له العلة يقول: هذا الإسناد صحيح، فكيف تعودون وتقولون: إنه معلول؟ وقد مكثت زماناً أحاول إقناع بعض الباحثين بذلك فسلم لي مجاملة.
وأما الجهة الثانية فإن الاعتذار عن عدم المطالبة ببحث الشذوذ والعلة لعدم تمكن الطلاب - لست أفهم معناه، فإن كان المقصود أن لا يتعرضوا له أبداً طيلة حياتهم العلمية ـ وهذا مع الأسف هو حال كثير من المنتسبين لهذا
---------------
(¬١) "فتح المغيث" ١: ١٧.

الصفحة 453