كتاب الاتصال والانقطاع

باحثين معاصرين، وإن كانت كثرته في العصر الحاضر قد تجاوزت حدود المعقول، فابتذل الباحثون هذا المصطلح ابتذالاً ليس وراءه ابتذال، فلم تحفظ له كرامة، ولم يقدر حق قدره، فلم يعد يفرح به، ولأهمية الموضوع أستميح القارئ عذراً في الإطالة عليه في بيان المراد بشرط الشيخين، ثم أعرج على واقع الحال في تطبيقه.
أحسن ما قيل في المقصود بشرط الشيخين أن يكون الإسناد موجوداً بتمامه وعلى صفته في الكتابين، أو في أحدهما إن كان الكلام في شرطه، يضاف إلى ذلك اشتراط خلو الحديث من الشذوذ والعلة.
وهذه بعض الأوجه التي يمكن من خلالها أن يتطرق الخلل إلى دعوى أن الحديث على شرط الشيخين أو أحدهما:
أولاً: أن يوجد راوٍ في الإسناد أو أكثر لم يخرج له الشيخان، وحينئذٍ فلا يكون الإسناد على شرطهما ولا على شرط واحد منهما، وهذا الخلل كثيراً ما يقع للحاكم في "المستدرك"، إذ يعقب على أحاديث بأنها على شرط الشيخين أو أحدهما، وفي رواتها من لم يخرجا له، ويقع هذا لغير الحاكم أيضاً.
ثانياً: أن يوجد في الإسناد راوٍ قد أخرج له مسلم عن راوٍ آخر قد أخرج له البخاري أو العكس، فلا يصح أن يقال عن هذا الإسناد إنه على شرط الشيخين، ويمثل لذلك بأحاديث سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس، فإن سماك بن حرب قد أخرج له مسلم ولم يخرج له البخاري، وعكرمة قد أخرج له البخاري ولم يخرج له مسلم ـ وقد تكلم العلماء في رواية سماك عن

الصفحة 456