كتاب البيوع المحرمة والمنهي عنها

لجنة الفتوى بالأزهر، حيث أجابوا على سؤال عن نقل الدم وحاسة البصر فقالوا: فقد أجاز كثير من متأخري علماء الشافعية جبر المنكسر من عظم إنسان حي بعظم إنسان ميت إذا لم يمكن جبره بغيره، وقياساً على هذا ترى اللجنة جواز نقل جزء من عين الميت لإصلاح عين الحي إذا توقف على ذلك إصلاحها وقيامها بما خلقها الله له، هذا ما تفتي به اللجنة، والله الهادي إلى سواء السبيل1. وهو قول لطائفة من العلماء والباحثين كفضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق2، فقد قال: "إنه يجوز نقل عضو أو جزء عضو من إنسان حي متبرع لوضعه في جسم إنسان حي بشروط، وهي: أن ذلك للضرورة، وأن لا يترتب على اقتطاعه ضرر للمتبرع، وأن يكون ذلك مفيداً لمن ينقل إليه في غالب ظن الطبيب.
والدكتور عبد الجليل شلبي فقد قال: "إن التبرع بالأعضاء لا شيء فيه إذا ضمن الطبيب عدم تعريض المتبرع لسوء. ثم قال: لكن بعد الوفاة لا يصح أخذ شيء من جسم المتوفى، لأنه صار في ذمة الله، كما أن تشويه الميت محرم، لأن المثلة بالموتى حرام، وأوضح أن تبرع الأحياء للأحياء مباح، مشيراً إلى أن حكم الإباحة هذا باب عريض طويل بعيد عن الحلال والحرام فما يباح لأنه قد لا يباح للآخر لأن الأمر يتوقف على الظروف والأحوال ... "3.
وعلى هذا: فالمذهب الأول: انتهى إلى عدم جواز نقل عضو الإنسان مطلقاً، حياً كان أو ميتاً، مسلماً أو غير مسلم، بالبيع أو بالتبرع، في حالة الضرورة أم لا.
أما المذهب الثاني: فقد رأى جواز نقل الأعضاء من الحي والميت، غير أنهم اشترطوا لجواز هذا النقل شروطاً مهمة تجب مراعاتها بكل دقة، فبالنسبة للنقل من الحي يشترط
__________
1 راجع: مجلة الأزهر المجلد 20 لسنة 1368 ? صفحة 742.
2 هو الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر سابقاً رحمه الله، الفتوى رقم 1323 بتاريخ 15/1/1400? الموافق 5/12/1979 م نقلاً عن: الموقف الفقهي والأخلاقي للدكتور محمد علي البار.
3 هو الدكتور عبد الجليل شلبي الأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر يرى أن هذا التبرع قد يصل إلى درجة الوجوب. راجع: جريدة الشرق الأوسط العدد 3725 الأربعاء 8/2/1989 م.

الصفحة 417