كتاب البيوع المحرمة والمنهي عنها

الأدلة: استدل القائلون بعدم جواز نقل الأعضاء الآدمية:
1- قوله تعالى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} 1. حيث نهانا الله سبحانه أن نلقي بأنفسنا في مواطن التهلكة، وإقدام الشخص على التبرع بجزء من جسده هو سعى لإهلاك نفسه في سبيل إحياء غيره، وليس ذلك مطلوباً منه، ولفظ التهلكة عام على نحو ما ورد في الآية يشمل كل ما يؤدي إليها، وقطع العضو من نفسه الموجب لإزالة منفعته فرد من أفراد ما يؤدي إلى الهلاك، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وذلك على حد ما ذكره علماء الأصول2.
2- قوله تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} 3.
حيث دلت هذه الآية الكريمة على تكريم الله سبحانه للآدمي، وهذا التكريم شامل لحال حياته وما بعد موته، وانتزاع العضو منه مخالف لذلك التكريم، سواء في حال الحياة أو بعد الموت4.
3- واستدلوا كذلك بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو5، وهاجر معه رجل من قومه، فاجتووا المدينة، فمرض فجزع، فأخذ مشاقص6 فقطع بها براجمه7، فشخبت8 يداه حتى
__________
1 سورة البقرة: الآية 195.
2 نقل وزراعة الأعضاء الآدمية من منظور إسلامي د. السكري صفحة 107.
3 سورة الإسراء: الآية 70.
4 الامتناع والاستقصاء للسقاف صفحة 28 – 29.
5 الصحابي الجليل طفيل بن عمرو بن طريف بن العاص الدوسي، لقبه ذو النور، استشهد رضي الله عنه باليمامة، وقيل باليرموك. راجع: الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر 1281، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 3/422-424 برقم 4273.
6 المشاقص: جمع مشقص وهو السهم الذي فيه نصل عريض. راجع: المصباح المنير للفيومي صفحة 319.
7 البراجم: رءوس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض الشخص كفه نشزت وارتفعت. راجع: المصباح المنير للفيومي صفحة 42.
8 معنى تشخبت: يداه أي جرى دمها. راجع: المصباح المنير للفيومي صفحة 306.

الصفحة 419